-A +A
وليد الكاملي
ولا معنى لقطعة السكر إلا إذا ذابت وأحدثت أثراً ينقسم الناس فريقين على إثره، فريق يقول بلذة طعمها وآخر يقول بأنها رغم كل ذلك إلا أنها قد تكون سبباً في العديد من الأمراض؛ وهذا بالضبط ما كان شاغل الدنيا ومالئ الناس دييغو مارادونا.

في الثامن من يوليو من عام 1990، تسمرت كغيري أمام شاشة التلفاز حيث اللقاء الأول لي -وأنا بكامل طاقتي الإدراكية- بمارادونا حين التقى المنتخب الأرجنتيني بنظيره الألماني على نهائي كأس العالم؛ حيث المباراة التي عرفتُ من خلالها المعنى الحقيقي لأن تكون قطعة السكر التي يخشاها الناس حتى إن بدت لذيذة، حيث شاهدت يومها (الظلم المحبوك) الذي تعرضت له الأرجنتين بقيادة فتاها المغرور مارادونا، التي كادت تعيد الكرة وتقصي ألمانيا بعد أن أذاقتها شر هزيمة في البطولة التي سبقتها في المكسيك، لولا تكالب المؤسسات والمنظمات الرياضية التي كانت ترى في غرور قصير القامة ذلك طيشاً لا يمكن له أن يكون عنواناً للأجيال الرياضية القادمة.


ورغم كل ذلك وحتى بعد إسقاطه وإقصائه بكل خبث في مونديال أمريكا 94 الذي تحرك فيه كبار الساسة الأمريكيين من أجل كسب اسم مارادونا لإضفاء شهرة للبطولة التي أقيمت في أرض لا يعرف أهلها غير كرة السلة؛ حيث مشهد اقتياده من قبل إحدى عضوات لجنة تحليل المنشطات الذي جاء كرد فعل على صرخته الشهيرة في وجه العالم الذي كان يشعر أنه يرغب في التخلص منه بعد أن سجل آخر هدف له في كأس العالم أمام اليونان؛ إلا أنه ظل الأيقونة الأقوى في عالم المستديرة، بل وفي عالم الصراعات التي لا يمكن تصنيفها ولا وصفها إلا بالجائرة التي تكره لأجل الكراهية وحسب.

رحل مارادونا عن هذه الحياة ليضيف للعام الشهير 2020 شهرة تفوق ما أحدثته كل الأحداث ليبقى في حقيقته قطعة السكر التي يخشاها ويحبها الجميع وفي قلب الناس والشعراء «البطل المنشود الذي أجج فيهم عطش الحاجة إلى بطل يصفقون له ويدعون له بالنصر» كما قال عنه عظيم الشعر العربي محمود درويش ليترك للناس الحيرة شاخصة تجاه كل قطعة سكر ويذوب هو في التاريخ حيث العظماء.

wamly2016@