-A +A
علي محمد الحازمي
لا أحد يختلف أن أوروبا وجدت نفسها محاصرة بين الولايات المتحدة والصين، واحتلت المقعد الخلفي على الأقل في العقدين الماضيين. الاتحاد الأوروبي يرى أن هذا الوضع لا يليق به كقوة اقتصادية وسياسية، لذلك اتبع خطى بكين بإطلاق برنامج طموح للاستثمار في البنية التحتية تحت مسمى «البوابة العالمية» وهي خطة إنفاق على البنية التحتية بقيمة 300 مليار يورو، تهدف إلى تعزيز سلاسل التوريد والتجارة بين الاتحاد الأوروبي وجميع دول العالم.

مهما اختلفت النوايا والمسميات فإن الحقيقة هي أن هذا المشروع أتى كردة فعل أوروبي على برنامج الحزام والطريق الصيني، والذي خُصص له منذ عام 2013 مئات المليارات من الدولارات لبناء الطرق والسكك الحديدية والموانئ في جميع أنحاء العالم. كما تعمل دول غربية أخرى، ولا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على دفع خطط الاستثمار الأجنبي الخاصة بها من خلال مشروع بوابة العالم، لذلك نجد أن هناك دعماً وتأييداً كبيراً من تلك الدولتين للتوجه الأوروبي.


السؤال: هو ما إذا كانت هذه الجهود كافية لإبراز الاتحاد الأوروبي. تشير التقديرات إلى أن الصين قدمت ما يصل إلى 400 مليار دولار من القروض الخارجية في الفترة من 2014 إلى 2020 ووقعت على عقود تخص مشروع الحزام والطريق بقيمة حوالى 100 مليار دولار في عام 2022. مبادرة الحزام والطريق هي واحدة من السياسات الخارجية المميزة للزعيم الصيني شي جين بينغ والتي تعد مكوناً أَسَاسِيّاً لنموذجها الاقتصادي الذي يهدف إلى تصدير كل من القدرة الاقتصادية الفائضة للصين والتأثير الجيوسياسي، لذلك لا غرابة في السعي الأوروبي لسرقة بعض دفتر الشيكات الصينية.

في رأي على الأقل لا أرى مؤشرات لنجاح مشروع البوابة العالمية الأوروبي. الأسباب عديدة يأتي في مقدمتها أن هناك تباينا كبيرا بين اللغة التي انتهجتها الصين والاتحاد الأوروبي لإقناع العالم بمشروعهما فمثلاً تتحدث الصين دائما بلغة دبلوماسية حكيمة حيث تقول إن الهدف من مشروع الحزام والطريق هو لبناء جسور وأواصر بين دول العالم، أما الاتحاد الأوروبي فيصرح بشكل مباشر وغير حكيم أن الهدف من مشروع البوابة العالمية هو تحييد الصين والرد على مشروعها الحالي. علاوة على ذلك مشروع الحزام والطريق تتحكم فيه دولة واحدة من حيث التمويل وصنع القرار وهذا ما يجعله أقرب للنجاح من مشروع بوابة العالم الذي يخضع لقرار عدد من الدول تعيش فيما بينها مرحلة من الصراعات. ومن زاوية أخرى لا يمكن إغفال الجانب السياسي على هكذا مشروع فمثلاً الدول الأفريقية لا تثق في دول الاتحاد الأوروبي وما زالت تعتبرها دول استعمارية هدفها نهب ثرواتها وهذا يشكل عائق في دخول مشاريع البوابة العالمية لتلك الدول.