-A +A
عبده خال
إعادة قول لا يفهمه من تبلّد كأرصفة المدن المزدحمة، قلت أنا ابن الحكاية الشعبية، فأول المدارس التي التحقت بها هي الجلوس أمام الحكاية والإصغاء الجيد لكل ما تقوله.. وربما كانت هذه البداية الأولى لمعرفة أثر الحكاية على الحضور.. ومنذ ذلك الزمن وأنا أحاول الإمساك بسر الحكاية.. سر أن تتحدث والجميع يصغي.

هل للحكاية جن أو ملائكة حتى يغدو السامع قطعة من متعة لا يريد سوى تتبع الأحداث وكأنه القناة التي تجرى بها الحياة؟


والانتقال من الشفوي إلى المكتوب أحدث فوارق مهولة وأثّر على الحكاية في معطياتها الدلالية.

فالحكاية الشعبية لها تقنيات مختلفة عن المكتوب.. وبين السرد الشعبي الحر وبين الكتابة على المتلقي أن يكون عالِماً بالاختلافات الجوهرية في سرد الحدث، ومتعة الاستمتاع تختلف عند السامع الشفوي والمكتوب.

ففي فترة سابقة نشطت الأندية الأدبية في الاحتفاء بالقصة، وأقيمت الأمسيات المتعددة، وفي كل مرة تظهر الفروقات بين المسموع والمكتوب.

فأهم مميزات السرد الشفوي:

- الإعادة المستمرة للحكاية

- إشراك الحكاء لكل الحواس أثناء السرد

- استخدام لزمات حكائية بعينها

- مشاركة المستمع في الحكي استدراكاً أو مضيفاً

- متعة الحكي تختلف باختلاف الزمان والمكان

- نفسية الحكاء تؤثر في السرد إيجاباً أو سلباً وكذلك نفسية المستمعين

- يتم إضافة أحداث أو إلغاء أحداث

- كل سارد لحكاية شعبية يضيف ويحذف.. قد تكون هذه أهم سمات الحكاية الشعبية بينما القصة المكتوبة تحفل بجوانب أخرى:

- تمنع عنها الحذف والإضافة.

- وكلما كان أُسلوب الكتابة متقدماً صعب على القارئ التواصل الحقيقي مع الحدث.

- القصة المكتوبة لا يعود لدى السامع فرصة التغير والتبديل، بل يمنحها بعداً في مخيلته.

- كما أن القصة المكتوبة تحاول التوسط بين المكتوب والشفوي عند سردها من قبل القارئ، وهنا يحدث انتصار للشفوى مقابل المكتوب.. ونجد أن الذات تتنهزه بين العالمين كما يحلو لها مع مراعاة الفوارق بين العمليتين.