من المعلوم أن ابتكار الأوراق النقدية كان كوسيلة تيسير للتعاملات والتبادلات والمقايضات في البيع والشراء، وعلى إثرها صممت المحافظ بالشكل المعروف كوسيلة حفظ لتلك الأوراق النقدية بشكلٍ مرتب وجميل بدلاً من تركها مبعثرة في الجيب. ومع التطور والتقدم المشاهد في ما يتعلق بطريقة الدفع، ظهرت بطاقات الدفع الإلكترونية بمختلف أنواعها، وعليه قلت الأوراق النقدية المحمولة في تلك المحافظ مما جعل مصنعي المحافظ يصممون محافظ جديدة لا للمال ولكن لبطاقات البنك الإلكترونية. لا شك أن البطاقات البنكية هي الحل الأمثل لحفظ المال خاصة أن عملية الدفع تتطلب رقماً سرياً وفي حال ضاعت البطاقة أو سرقت فإنه بالإمكان إلغاؤها أو إيقافها عن طريق خدمات العميل على عكس الأوراق النقدية، كما أن البطاقات البنكية تُسهل على البنوك والمصارف ضمان سلامة العملات النقدية المتداولة من التزوير أو الغش، أيضا سهولة التعامل مع المبالغة المالية الكبيرة. وهي تعتبر حلاً جيداً إذا ما اشتملت فاتورتك على بعض الهللات، فلا يتصور أن يحمل كل شخص منا في جيبه العملات المعدنية (الهللات) بمختلف فئاتها، فهو أقرب للمعاناة منها كحل وهي أسرع للفقد والضياع من حفظها أو استخدامها. إلا أنه مع كل هذه المزايا لا بد أن ننظر إلى أمرٍ قد لا يتنبه له البعض من الناس في ظل تلك المزايا، وهو ما قد يشعر به الإنسان من ألم صرف المال وإنفاقه -سواء كان في محله أو في غير محله-، فكلما كان المال محسوساً تراه بعينك وتلمسه بيدك كان أبلغ في حفظه وأشد في الأثر عند فقده إلا أن هذا الشعور لا نستشعره مع بطاقات البنوك الحديثة، وهو ما يجعلنا ننفق من غير أن نعي مقدار ما أنفقنا وبالتالي زيادة في معدل الإنفاق، خصوصا أن سوء إدارة المال من المظاهر المتفشية في هذه الأزمان. لذا فإنه من الأفضل أن يراعي الشخص وأولياء الأمور هذا الأمر وأن يكون تعاملهم مع من يعولون من خلال الأوراق النقدية حتى يصبح الحس بقيمة المال وفقده موفوراً في نفوسهم عند عمليات الشراء والإنفاق، فعندما يفتح الشخص محفظته ولا يجد المال أو القليل منه فإنه ولا شك سيكون واعياً لمصروفاته نتيجة ما يسببه له فقد المال المحسوس، فأثر الفقد أصعب وأكبر من أثر فرحة الكسب، حينها يستطيع كل إنسان منا أن يجيب نفسه... وين راحت فلوسي؟