-A +A
عائشة عسيري AAlmaeya2017@
في خضم هذا العالم الآخذ نحو المادية البحتة، ومع ازدحام حياتنا اليومية بالكثير من المسؤوليات، الأعباء، الهموم، والمشكلات المختلفة، أرى أنَّا بِتْنَا في أمسّ الحاجة إلى «لطف العبارة».

نعم قد يعتبرها بعض الناس شيئا تافهاً بلا قيمة، لكن الحقيقة خلاف ذلك تماماً.


نحتاج في غمرة الانهماك في أعمالنا، إلى كلمة لطيفة من مديرينا، ومن زملائنا، نحتاج في بيوتنا إلى كلمات الحب والود والإطراء بين أفراد الأسرة، نحتاج في شوارعنا إلى ابتسامة جميلةٍ، وكلمةٍ طيبة نقولها لعمال النظافة، والباعة البسطاء. نحتاج في أسئلتنا، وردودنا وتعليقاتنا في وسائل التواصل الاجتماعي إلى لطف العبارة، والتأدب مع من نحدثه ومن يحدثنا، سواء اتفقنا معه، أو اختلفنا.

وفي وسائل التواصل الاجتماعي بالذات، نرى سيلاً من الكلمات البذيئة، والردود المبتذلة، والتعليقات المسيئة التي تطال العلماء، والأدباء، والفضلاء، فكيف بمن هم دونهم.

حتى تكاد تكون لغة الاحترام عملة نادرة في تلك الوسائل، خاصةً بين المختلفين في أمر ما.

أليس من حق الإنسان على أخيه أن يتحدث إليه بلطف، وأدب، واحترام، بغض النظر عن مشاعره تجاه الآخر.

فإذا لم نحب شخصاً ما، فلا يعني ذلك أن لنا الحق في أن نكيل إليه السباب، والشتائم، وأبشع النعوت.

وإذا كان هو لا يحبنا فقد نجبره على محبتنا أو احترامنا؛ بلين جانبنا، ولطف عباراتنا وتواضعنا، وحسن حديثنا معه.

ولا يُشترط في الحديث اللطيف المؤدب أنه لا يقال إلا لمن نحب، إنما نحن نتحدث بلطفٍ مع الجميع لأننا مهذبون، وقبل ذلك ممتثلون لأمر ربنا، وما حثنا عليه نبينا وديننا.

ألم يأمر الله تعالى نبييه موسى وهارون عليهما السلام بالتلطف في الحديث مع فرعون، وهو طاغية زمانه، فقال لهما: (اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى).

نمرّ بغالبية البشر مرور الكرام، فلا داعي أن نترك في قلوبهم غِلاً أو ندوباً، أو بُغضاً بسبب سوء ما قلنا، دفء الكلمات، أعظم من دفء الثياب، والجدران، فهو يطال قلوبنا، ونحتاج إليه كل يومٍ وبشدة، وإن أسخاهم هو من يمنحنا ذلك الدفء بكل أدبٍ، واحترام ونبل.

لذا من يقول لنا كلاماً طيباً، فهو يصنع يومنا، ويسعد قلوبنا، ويجعلنا ننظر للعالم بنظرة تفاؤلٍ واطمئنان، ويشعرنا بدفء قلب ذلك الشخص.

أخيراً..

ومن يقول لنا كلاماً جارحاً، فهو يعكر صفو يومنا، ويجرح مشاعرنا، ويجعلنا نخاف الناس ومخالطتهم، ويُطفئ العالم في أعيننا.

يكفينا أن ديننا الحنيف دعانا إلى ذلك من خلال الحديث الشريف (الكلمة الطيبة صدقة).