كما كان يقول مذيعو النشرة القدامى، أقول لكم سيداتي، آنساتي، سادتي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا أولا، وثانيا أقول لكم: أسعد الله أوقاتكم بكل خير، أما ثالثا فاسمحوا لي أن أعود إلى زمن مضى ولا تظنوا أني صرت «قحم» كما نقول نحن أبناء منطقة جازان.
سأعود بكم إلى عام ١٣٧٢هجرية إن لم تخني الذاكرة؛ أي في بداية نهضة هذا الوطن خصوصا مدينة جدة التي تستقبل مئات الآلاف من الحجيج من بلاد الله الواسعة، ومعها تستقبل نماذج مختلفة من الأجناس والعادات والتقاليد وأشياء أخرى، وضمن هذه الأشياء بعض الأمراض الوافدة كان من أخطرها «الجدري» الذي ضرب جدة آنذاك، في وقت كانت فيه إمكانيات المكافحة متواضعة، وكان المحجر الصحي بوسائله المحدودة هو المكان الذي يعزل فيه المرضى الذين ذهب الكثير منهم إلى رحمة الله.
ضمن الذين أصيبوا بالمرض عدد لا بأس به من أبناء جزيرة فرسان الذين تركوا مهنة الغوص واتجهوا إلى المدينة الناشئة؛ طلبا للرزق وسعيا وراء لقمة العيش، كثير من الفرسانيين أصيبوا بالجدري فمنهم من عاش، ومنهم من قضى نحبه، ومنهم من استقلوا السفن الشراعية عائدين إلى جزيرتهم هربا بأرواحهم، ولكنهم في الطريق بالبحر ظهر عليهم المرض، وهذا هو صلب الموضوع الذي اكتب عنه هذه السطور، فهل تعرفون كيف تعاملوا مع الجدري؟
عندما تصل السفينة إلى أحد سواحل الجزيرة، الذي يبعد حوالى خمسة أو ستة كيلو يتم استقبال المصابين من قبل أناس من أبناء الجزيرة، كبار السن عملوا مع الإيطاليين أثناء تواجدهم في مدينة مصوع الإريترية، وتم تطعيمهم هناك فاكتسبوا بذلك مناعة، أولئك المطعمون يستقبلون سفن المرضى وبعد إنزالهم ينقلونهم على «قعائد خشبية» مباشرة إلى «المجديرة» دون أن يمروا بهم على ذويهم، والمجديرة لمن لا يعرفها، تبنى من الحجر العاري من الطلاء وسقف غرفها من جذوع الدوم والنخل والسعف، تشيد في موقع معاكس للرياح، يمكث فيها المريض 40 يوما لا يسمح له بدخول البلدة، وإذا انتهت هذه المدة تحرق «القعادة» الخاصة بالمريض وتحرق ملابسه وتكسر أواني أكله وشربه، أما السفينة التي نقلت المرضى فتخرج إلى حافة الساحل وتغسل وتدعك أخشابها بالبحر والرمل ثم تترك في الشمس لمدة أسبوع لتتعقم.
هذه الذكريات استرجعتها الآن في زمن الكورونا ورحت أقارن بين أولئك البسطاء، وبين الذين توفرت اليوم لهم كل إمكانيات الوقاية والعلاج والحجر الصحي المرفه ثم نجد بعضهم لا يلتزمون بالإرشادات، بل نجد بعضهم يتفاخرون بعدم الالتزام بتعليمات الجهات المختصة ويكسرون الأنظمة، عافانا الله وإياكم.
سأعود بكم إلى عام ١٣٧٢هجرية إن لم تخني الذاكرة؛ أي في بداية نهضة هذا الوطن خصوصا مدينة جدة التي تستقبل مئات الآلاف من الحجيج من بلاد الله الواسعة، ومعها تستقبل نماذج مختلفة من الأجناس والعادات والتقاليد وأشياء أخرى، وضمن هذه الأشياء بعض الأمراض الوافدة كان من أخطرها «الجدري» الذي ضرب جدة آنذاك، في وقت كانت فيه إمكانيات المكافحة متواضعة، وكان المحجر الصحي بوسائله المحدودة هو المكان الذي يعزل فيه المرضى الذين ذهب الكثير منهم إلى رحمة الله.
ضمن الذين أصيبوا بالمرض عدد لا بأس به من أبناء جزيرة فرسان الذين تركوا مهنة الغوص واتجهوا إلى المدينة الناشئة؛ طلبا للرزق وسعيا وراء لقمة العيش، كثير من الفرسانيين أصيبوا بالجدري فمنهم من عاش، ومنهم من قضى نحبه، ومنهم من استقلوا السفن الشراعية عائدين إلى جزيرتهم هربا بأرواحهم، ولكنهم في الطريق بالبحر ظهر عليهم المرض، وهذا هو صلب الموضوع الذي اكتب عنه هذه السطور، فهل تعرفون كيف تعاملوا مع الجدري؟
عندما تصل السفينة إلى أحد سواحل الجزيرة، الذي يبعد حوالى خمسة أو ستة كيلو يتم استقبال المصابين من قبل أناس من أبناء الجزيرة، كبار السن عملوا مع الإيطاليين أثناء تواجدهم في مدينة مصوع الإريترية، وتم تطعيمهم هناك فاكتسبوا بذلك مناعة، أولئك المطعمون يستقبلون سفن المرضى وبعد إنزالهم ينقلونهم على «قعائد خشبية» مباشرة إلى «المجديرة» دون أن يمروا بهم على ذويهم، والمجديرة لمن لا يعرفها، تبنى من الحجر العاري من الطلاء وسقف غرفها من جذوع الدوم والنخل والسعف، تشيد في موقع معاكس للرياح، يمكث فيها المريض 40 يوما لا يسمح له بدخول البلدة، وإذا انتهت هذه المدة تحرق «القعادة» الخاصة بالمريض وتحرق ملابسه وتكسر أواني أكله وشربه، أما السفينة التي نقلت المرضى فتخرج إلى حافة الساحل وتغسل وتدعك أخشابها بالبحر والرمل ثم تترك في الشمس لمدة أسبوع لتتعقم.
هذه الذكريات استرجعتها الآن في زمن الكورونا ورحت أقارن بين أولئك البسطاء، وبين الذين توفرت اليوم لهم كل إمكانيات الوقاية والعلاج والحجر الصحي المرفه ثم نجد بعضهم لا يلتزمون بالإرشادات، بل نجد بعضهم يتفاخرون بعدم الالتزام بتعليمات الجهات المختصة ويكسرون الأنظمة، عافانا الله وإياكم.