-A +A
خالد بن هزاع الشريف khalid98alshrif@
كثر الحديث عن استعمال الأئمة مكبرات الصوت الخارجية في المساجد، وهذه المكبرات المشوشة على المرضى والمقلقة لراحتهم يتعمد بعض الأئمة رفعها والتباهي بأصواتهم أثناء القراءة، ويغفلون حكم استعمالها.

كثير من العلماء نهوا عن استعمال تلك المكبرات لما تتسبب به من أضرار على المنازل المجاورة وتشوش على المساجد القريبة، إذ قال الإمام مالك في الموطأ (178) من شرح الزرقاني في «باب العمل في القراءة» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: «إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن»، وعن أبي سعيد الخدري قال اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: «ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة»، هذه أحاديث صحيحة فما بالنا اليوم ومساجدنا تعج بمكبرات الصوت ونشاز بعض الأصوات، وقد يترتب على هذا مفاسد كثيرة وأذية لجيران المسجد.


النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجهر بعض الناس على بعض في القرآن، ومن المعلوم أنه لا اختيار للمؤمن ولا خيار له في العدول عما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً».

في البيوت من يسمع هذه القراءة وهم في سهو، وهذا عكس ما ذكره رافع الصوت أن كثيراً من النساء في البيوت يسمعن القراءة ويستفدن منها، وهذه الفائدة تحصل بسماع الأشرطة والوسائل الأخرى في مجال التواصل الاجتماعي، ولكن رفع الصوت قد يؤثر على بعض الناس فيحضر ويصلي لاسيما إذا كان صوت القارئ جميلاً، فهذا قد يكون أكثر فائدة من مكبرات الصوت في المساجد والقاعدة العامة المتفق عليها تقول: إذا تعارضت المصالح والمفاسد وجب مراعاة الأكثر منها والأعظم فحكم بما تقتضيه فإن تساوت فدرء المفاسد أولى من جلب المصالح.

نصيحتي للمسلمين أن يسلكوا طريق السلامة، وأن يرحموا إخوانهم المسلمين الذين تشوش عليهم عباداتهم بما يسمعون من هذه الأصوات العالية حتى لا يدري المصلي ماذا قال ولا ماذا سيقول، وأستحسن أن توضع سماعات على جدران المساجد تسمع منها الخطبة والصلاة وتلغى سماعات المنارة لتحصل الفائدة دون أذية للآخرين.