أكد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس أن الوحدة الدينية والوطنية في أصول الشريعة الإسلامية الغراء من الأصول المسلمات، والضرورات المحكمات، وأن محبة الأوطان من أمور الفطرة التي جبل عليها الإنسان.
وقال في كلمته بمناسبة اليوم الوطني: «الحمد لله الذي ألف بين قلوب المؤمنين فأصبحوا بنعمته إخوانا، وجعل الوحدة لأهل الإيمان عنوانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تحقق للعالمين انسجاما ووفاقا، وأشهد أن نبينا محمدا عبدالله ورسوله، أبان حقوق الرعاة والرعايا طاعة واستماعا، وتآلفا واجتماعا، ونهى عن التنازع والتفرق أشتاتا وأوزاعا، وعلى آله وصحبه الألى شرفوا تشريفا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى حشر الخلائق لفيفا، وسلم تسليما كثيرا».
وتابع قائلا: «إن الإسلام قد أولى أهمية كبيرة للأرض بمعناها الجغرافي، فجاء الأمر بعمارتها والاستخلاف فيها، منها نشأ مفهوم الأوطان، وجبلت النفوس السليمة على حب بلادها، واستقرت الفطر المستقيمة على النزوع إلى ديارها».
وزاد: «إن محبة الأوطان، ومؤانسة الخلان، والتمتع بنعم الله الكريم المنان، من أمور الفطرة التي جبل عليها الإنسان، وتتوق إليها أفئدة الشيوخ والشباب والولدان، فالحنين إلى الأوطان، والشوق إليها في سائر الأزمان، ومختلف البلدان، حالة مر بها النبي عليه الصلاة والسلام، والصحابة الكرام، وأمر طالما نطق به البلغاء، وتحدث عنه الفصحاء، ونظمه الشعراء».
وأبان الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أن من شكر النعماء والتحدث بالآلاء ما تعيشه هذه البلاد المباركة، إذ لا تزال بحراسة الله مسورة، وبالإسلام منورة من التئام الرعية بالراعي في مظهر فريد، ونسيج متميز، ومنظومة متألقة من اجتماع الكلمة، ووحدة الصف، والتفاف حول القيادة، قل أن يشهد له التأريخ المعاصر مثيلا، في عالم يموج بالتحولات والاضطرابات، وكثرة النوازل والمتغيرات والأزمات، مما جعلها نموذجا يحتذى به في العالم؛ بالأمن والوحدة والاستقرار، والتوازن والاعتدال، والجمع بين الأصالة والمعاصرة.
وأردف قائلا: إنه وبكل الإعزاز والفخر، والحمد لله والشكر؛ نتذكر أنه في مثل هذا اليوم كان الانطلاق إلى توحيد القلوب المؤمنة بتوحيد البلاد الغالية، وتوحيد الصفوف قوة وعزما؛ بجهود المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- برأب الصدع بين مختلف الأفراد والجماعات والقبائل، وسار على نهجه القويم أبناؤه البررة من بعده، إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- صاحب القرارات الحازمة، والمشروعات العملاقة العظيمة، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- صاحب الرؤى السديدة، والمبادرات الموفقة الرشيدة.
وأوضح قائلا: لقد أثمرت هذه اللحمة التأريخية الفريدة أكلها، فتعاضد أبناء الوطن مع بعضهم، وتكاتفوا مع ولاة أمرهم، وصاروا كالبنيان يشد بعضه بعضا، وإن ما نعيشه اليوم في هذا العهد المبارك من تقدم وازدهار، وأمن واستقرار، لهو أثر عظيم من آثار التمسك بالوحدة والجماعة، حيث تأتلف الدروب، وتتوادد القلوب، وتدحر الأراجيف والشائعات، والأباطيل السافرات، ونحن في طريق المجد نبني شامخ الحضارات، تحت قيادة حكيمة رشيدة، تصلح الدنيا بالدين، معتصمة بحبل الله المتين.
وبين أن هذه المناسبة المباركة الغالية أتتنا -مع قرب انزياح الغمة عن الأمة، وعودة الحياة إلى طبيعتها- وقد سجلت المملكة العربية السعودية في ظل القيادة الرشيدة الحكيمة؛ ريادة عالمية في احتواء الكوارث والملمات، وفن إدارات الأزمات، ضاربة النماذج السامقة، والمثل العليا، في الحرص على صحة الإنسان، وسلامة الأوطان، والرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، انطلاقا من مسؤوليتها المجتمعية في التصدي لجائحة فايروس كورونا المستجد بالحرمين الشريفين؛ عملت جاهدة لبذل كل ما من شأنه خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، وقدمت كل طاقاتها وإمكاناتها البشرية والمادية، للحفاظ على سلامة الحجاج والمعتمرين والزائرين، ولإبقاء بيئة الحرمين الشريفين مثالية نموذجية خالية من الأمراض والأوبئة؛ حتى عاد الحرمان الشريفان اليوم إلى شبه ما كان عليهما قبل الجائحة؛ بالتدرج في العودة إلى الحياة الطبيعية؛ دون إصابة واحدة تذكر، وكل ما تحقق من إنجازات مرومة، وإجراءات مقننة، ساهمت في تخفيف لأواء الجائحة؛ لم يكن ليتحقق لولا فضل الله-سبحانه وتعالى- ثم التوجيهات السديدة من القيادة الرشيدة.
ورفع الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي تهنئته للقيادة الرشيدة بقوله: «إنها والله لمناسبة غالية، وعزيزة على القلوب، نرفع فيها تهنئتنا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- ونجدد فيها الحب والولاء لهذه القيادة الكريمة الموفقة».
وختم كلمته سائلا الله –عز وجل- أن يديم على بلادنا أمنها واستقرارها وازدهارها، وخدمتها الرائدة للحرمين الشريفين في ظل القائد المعطاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أطال الله في عمره خادما لديننا ومقدساتنا وأن يسبغ عليه لباس الصحة والعافية، ويشد أزره بولي عهده الأمير الشاب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله ورعاه- أمير النهضة قائد الرؤية 2030 الفذ الهمام؛ هذه الرؤية المباركة التي -بفضل الله- حققت أهدافها، وقد آتت الرؤية أكلها، فهي رؤية الحاضر للمستقبل، وعمل اليوم للغد.
كما قدم الشكر لأميري منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة ونائبيهما، قائلا: شكر الله لأميرنا الموفق خالد الفيصل بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة، وسمو نائبيهما الكريمين، حفظ الله بلادنا من كل سوء ومكروه، وزادها أمنا وإيمانا، وسلاما واستقرارا، وجعلها سخاء رخاء، وحفظها من كيد الكائدين وعدوان المعتدين، ورفع الجائحة والوباء.