«الوطن يا صفيِّة هو ألّا يحدث هذا كله!» ماذا يحدث في الوطن الذي نمتلك صورته في عقلنا؟ إن أمكننا العلوّ في الفضاء لرأينا وهم فكرة الحدود. في الأعالي لا يكون هناك حدود أو خطوط فكلّها من صنع الإنسان، الغرب والشرق والشمال والجنوب كلها من بطنٍ واحدة. فالوطن هو هذا كله. المساحات الشـاسعة، والأشجار الخضراء الزاهية أو الأراضِي القاحلة، الوطن هو البحر بزرقته العميقة وهو الجبل برماديِّته المتربة. وحين يكون هناك حدٌ فهو في عقل الإنسان لأن «الحدود تُقام، ولكنها تبقى حدودًا مصطنعة، خطوطًا مختلقة تستطيع منع حركة البضائع والناس، ولكنها لا تمنع العواطف من كسرها»، بِلا حُدود.
ولكن، الوطن هو أكثر من مادة، الوطن أكبر من أن يتجلّى في الشيء المادي الذي نستطيع ان نراه، أنّى لنا إذن أن نشعر بكل هذا الانتماء نحوه؟ كيف استطاع الأدب أن يصوّر لنا أن «بلادي وإن جارت علي عزيزة»؟ من الذي يجور على من؟ وكيف رغم الجور -إن وُجِد- تظلُّ عزيزة؟ إن توطيننا يكمن في تمازج أرواحنا مع باقي الأرواح في البقعة الجغرافية نفسها، فالقبول بين مجموعة من الناس هو «وطن» والوطن لا يعني الوِحْدة وإنما يعني الجماعة والانتماء. ونحن كلّما انتمينا لشيءٍ ما يظلّ عزيزًا علينا رغم المصاعب. «المكان الذي ولدت فيه ومن أجله، التاريخ المرتبط به، تاريخه وكيف يرتبط بك، يعطيك طبعتك المميزة كشخص بغضّ النظر عمّا يقوله العلماء بشأن العولمة»، انتِماء.
الوطن هو وجود من نُحِبّ: «وكلّ مكان أنت فيه مكاني». فلولا وجود الحب لما كان باستطاعة أحدٍ رؤيتنا، سماعنا، تقديرنا، والتربيت على أكتافنا بحنوٍ بالغ. في رسالته إلى مروى يفضي بسام حجار بمكنونات وطنه الوحيد الذي يصبو إليه فيكتب: «الشمس نقطة صفراء والطريق خط أسود.. في المرة القادمة اكتبي لي عتبةً وبيتًا وأشخاصًا في رقّة العناق». فالشمس والطريق لا تكفي لكي تعبّر عن الوطن، ما نحبه أكثر بشأن الوطن هو وجود من نحب، فكرة الأُلفة في الطرقات والأشخاص والعادات والاحكام، حُبَ.
الوطن هو أملنا في أن تكون ذاتنا ما يجب عليها أن تكونه. الوطن هو أملنا في غدٍ مشرق بين ذكرياتنا. الوطن هو صورة مستقبلية بناء على تجليات الحاضر وفي هذا يكتب الشاعر السوري المتأثر بعصير البرتقال والوردة البيضاء رياض الصالح الحسين: «ولكن ليس هذا هو العالم كله: فالرمال ما زالت ناعمة ودافئة والبحر ما زال يرسل للصيادين الخرافات والأسماك. ماء النهر صافٍ والأطفال ما زالوا يحبون الفستق.. والصغار يستطيعون أن يبتكروا ألف لعبة بإصبع واحدة من الطباشير. إذن لا تحلموا بالشمس كثيرًا فالشمس ستشرق في الساعة السادسة وثلاثين دقيقة حتماً» والعبارة التأكيدية الأخيرة المتمثلة في كلمة واحدة من أربعة أحرفٍ لا تدل على شيء سوى الثقة بأن الأمل قادمٌ لا محالة، فالوطن هو حيث الغد أفضل من اليوم. وكل يوم أفضل من سابقه. فالوطن هو العلوّ، أمَل.
الوطن هو أن تكون صغيرًا فتكبر، وكبيرًا فتكبر أكثر حتى تصبح بحجم خارطتك. وفي هذا يُشعِر القصيبي قائلًا: «أجل نحن الحجاز ونحن نجد هنا مجد لنا وهناك مجد» ففي أي مكان تضع عليه إصبعك ماديًا في الورقة أو تضع قلبك فيه روحيًا جغرافيًّا من شرقها إلى غربها، ومن شمالها حتى جنوبها هو مجدك انت، وجد ذاك، ومجد أولئك، عِزَّة.
الوطن هو وطننا، وطنُ: اللاحدود، الانتماء، الحب، الأمل، العزّة.
ولكن، الوطن هو أكثر من مادة، الوطن أكبر من أن يتجلّى في الشيء المادي الذي نستطيع ان نراه، أنّى لنا إذن أن نشعر بكل هذا الانتماء نحوه؟ كيف استطاع الأدب أن يصوّر لنا أن «بلادي وإن جارت علي عزيزة»؟ من الذي يجور على من؟ وكيف رغم الجور -إن وُجِد- تظلُّ عزيزة؟ إن توطيننا يكمن في تمازج أرواحنا مع باقي الأرواح في البقعة الجغرافية نفسها، فالقبول بين مجموعة من الناس هو «وطن» والوطن لا يعني الوِحْدة وإنما يعني الجماعة والانتماء. ونحن كلّما انتمينا لشيءٍ ما يظلّ عزيزًا علينا رغم المصاعب. «المكان الذي ولدت فيه ومن أجله، التاريخ المرتبط به، تاريخه وكيف يرتبط بك، يعطيك طبعتك المميزة كشخص بغضّ النظر عمّا يقوله العلماء بشأن العولمة»، انتِماء.
الوطن هو وجود من نُحِبّ: «وكلّ مكان أنت فيه مكاني». فلولا وجود الحب لما كان باستطاعة أحدٍ رؤيتنا، سماعنا، تقديرنا، والتربيت على أكتافنا بحنوٍ بالغ. في رسالته إلى مروى يفضي بسام حجار بمكنونات وطنه الوحيد الذي يصبو إليه فيكتب: «الشمس نقطة صفراء والطريق خط أسود.. في المرة القادمة اكتبي لي عتبةً وبيتًا وأشخاصًا في رقّة العناق». فالشمس والطريق لا تكفي لكي تعبّر عن الوطن، ما نحبه أكثر بشأن الوطن هو وجود من نحب، فكرة الأُلفة في الطرقات والأشخاص والعادات والاحكام، حُبَ.
الوطن هو أملنا في أن تكون ذاتنا ما يجب عليها أن تكونه. الوطن هو أملنا في غدٍ مشرق بين ذكرياتنا. الوطن هو صورة مستقبلية بناء على تجليات الحاضر وفي هذا يكتب الشاعر السوري المتأثر بعصير البرتقال والوردة البيضاء رياض الصالح الحسين: «ولكن ليس هذا هو العالم كله: فالرمال ما زالت ناعمة ودافئة والبحر ما زال يرسل للصيادين الخرافات والأسماك. ماء النهر صافٍ والأطفال ما زالوا يحبون الفستق.. والصغار يستطيعون أن يبتكروا ألف لعبة بإصبع واحدة من الطباشير. إذن لا تحلموا بالشمس كثيرًا فالشمس ستشرق في الساعة السادسة وثلاثين دقيقة حتماً» والعبارة التأكيدية الأخيرة المتمثلة في كلمة واحدة من أربعة أحرفٍ لا تدل على شيء سوى الثقة بأن الأمل قادمٌ لا محالة، فالوطن هو حيث الغد أفضل من اليوم. وكل يوم أفضل من سابقه. فالوطن هو العلوّ، أمَل.
الوطن هو أن تكون صغيرًا فتكبر، وكبيرًا فتكبر أكثر حتى تصبح بحجم خارطتك. وفي هذا يُشعِر القصيبي قائلًا: «أجل نحن الحجاز ونحن نجد هنا مجد لنا وهناك مجد» ففي أي مكان تضع عليه إصبعك ماديًا في الورقة أو تضع قلبك فيه روحيًا جغرافيًّا من شرقها إلى غربها، ومن شمالها حتى جنوبها هو مجدك انت، وجد ذاك، ومجد أولئك، عِزَّة.
الوطن هو وطننا، وطنُ: اللاحدود، الانتماء، الحب، الأمل، العزّة.