-A +A
أمل حسن جلال
«الحقائب» مهمة لحفظ ممتلكاتنا، تمتلئ مرة وتفرغ مرة أخرى، إلا أن هناك حقيبة مفتوحة منذ سن التمييز، تلك هي التي نضع فيها بلا عمد الذكر والتسبيح وآي المولى والعمل الصالح، وما أسهل التزود بالطاعات.

تبقى تلك الحقيبة تحمل وتفيض بالخيرات لدى أناس وتفرغ لدى آخرين، فالذي وضع في حقيبته زاد الصالحات نجا من الهفوات ولقي ربه ضاحكاً مستبشراً بما أتاه اليقين. وعلى النقيض فإن الذي ترك حقيبته مفتوحة على مصراعيها ولم يلتفت لها، فالتسويف والتأجيل ركيزته في الحياة ومتى ما جاءه اليقين قال: «ها ها لا أدري».


تخيل أنك مسافر لرحلة طويلة وقد قمت بتجهيز حقيبة مستلزماتك من وقت مبكر ستضع كل صغيرة وكبيرة في المكان المخصص، وحينما يأتي موعد سفرك تخرج مرتاح البال واثقاً بالاكتمال. في حين أن الذي يباغتك اللحظة لترافقه في رحلة سيجعلك تضطر لوضع كل ما أمامك من مستلزمات سواء كانت ضرورية أم لا، وحين تصل وجهتك تكتشف أنك نسيت هذا وذاك ولم تُحضر هذا ولم تكمل ذاك.

هذا هو حالنا مع أنفسنا وروحنا التي ترافقنا حتى آخر رمق، إن أعددنا الحقيبة من قبل سنعرف وجهتنا برحمة الله وفضله وسننام متيقنين العفو والرحمات لا نخشى خاشية، أما إن كانت حقائبنا فارغة فسيباغتنا الموت ونطالبه بالانتظار لعلنا نعمل صالحا فيما تركنا. فليحزم كل منا أمتعته ويضع في حقيبته كلمة طيبة وبر وزيارة مريض وحسن خلق وسلامة صدر وجوار وكرم وخير فضائل. فمتى ما حان وقت الرحيل كنا مستعدين لتلك النهاية الحقة والتي لا يختلف عليها مسلمون، ولنحرص جميعا على أن تكون حقائبنا ملأى بالتهليل والتكبير والتسبيح لا أن يتطاير منها ريش متاع الدنيا وملهياتها.

تمنياتي للجميع برحلة سعيدة والموعد نهر الكوثر وشربة لا نظمأ بعدها أبداً وجنة بها فواكه وخيرات مما يشتهون، جزاء بما صبرتم فنعم عقبى الدار «وتزودوا فإن خير الزاد التقوى».