-A +A
الدكتور محمد الجاسر - رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية

دأب البنك الإسلامي للتنمية منذ نشأته على لعب دور رئيسي في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وذلك عبر مكافحة الفقر وتحسين المستوى المعيشي للشعوب في الدول الأعضاء والمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء، من خلال حشد الموارد وتوجيهها نحو المشاريع والبرامج المتنوعة في مختلف قطاعات الاقتصاد.

وجاء إنشاء البنك الإسلامي للتنمية إدراكاً لحجم التحديات التي تجابه الأمة الإسلامية في المجال الاقتصادي ومجالات التنمية المستدامة، وهو ما استلزم إيجاد آلية فاعلة للتصدي لتلك التحديات، وفي مقدمتها تحدي التنمية بصفة عامة والتخفيف من حدة الفقر بصفة خاصة في بلدان منظمة التعاون الإسلامي. وتمثل التنمية البشرية مرتكزاً أساسياً لنشاط البنك من خلال تمويل التعليم والصحة والتدريب وتوفير مياه الشرب والارتقاء بخدمات الصرف الصحي ونحو ذلك من الأنشطة المساعدة التي تصب في جهود مكافحة الفقر.

أسباب الفقر في الدول الأعضاء

تتعدد أسباب الفقر في الدول الأعضاء بالبنك، ومن بينها انخفاض مستويات التشغيل، وانخفاض مستويات التعليم، والتغيرات المناخية، ووجود الصراعات المسلحة في عدد من الدول الأعضاء، يضاف إلى ذلك الآثار الاقتصادية السالبة الناجمة عن جائحة كورونا.

47.12 مليار دولار تمويل لجهود التنمية

اعتمد البنك الإسلامي للتنمية «التخفيف من حدة الفقر» هدفاً أساسياً منذ إنشائه. ووفقاً لذلك، كان البنك ممولاً رئيسياً لجهود التنمية في البلدان الأعضاء واستثمر أكثر من 47.12 مليار دولار أمريكي في القطاعات الاجتماعية التي ساهمت بشكل مباشر في الحد من الفقر. كما دعمت جميع تمويلات البنك الأخرى التخفيف من حدة الفقر من خلال الاستثمار في الصحة والتعليم والأمن الغذائي وتوفير المياه والكهرباء والصرف الصحي والنقل وغيرها من القطاعات في البلدان الأعضاء. إضافة إلى ذلك، راكم البنك على مر السنين ثروة من المعرفة والخبرة في مجال التخفيف من حدة الفقر في بلدانه الأعضاء. وفي عام 2008، أنشأ البنك ذراعه المتخصص في هذا المجال، وهو صندوق التضامن الإسلامي للتنمية (ISFD).

أيضاً في سياق برامجه الرامية إلى التخفيف من حدة الفقر بين شعوب بلدانه الأعضاء، جمع البنك بين الأنشطة التنموية وبرامج التعاون والتكامل الاقتصادي، حيث أسهمت برامج التمويل قصيرة الأجل للواردات، ومن بعدها برامج تمويل الصادرات، في توفير حاجات الدول الأعضاء والمستفيدين من السلع والبضائع الإستراتيجية ذات الصبغة التنموية. ووفقاً لتصنيف الأمم المتحدة، تمثل الدول الأقل نمواً نحو نصف عضوية البنك، مما يجعل قضية التخفيف من حدة الفقر تحتل الصدارة على سلم أولويات وبرامج البنك الإسلامي للتنمية، وذلك بالعمل على مساعدة الدول الأعضاء من أجل تسريع نموها من ناحية واستهداف الفئات الأكثر حرماناً من ناحية أخرى.

الإستراتيجيات والخطط لتحقيق الأهداف التنموية

إن التطور المتسارع والمطرد الذي شهدته أنشطة مجموعة البنك بكل ما يعني ذلك من تشعب وتنوعٍ في العمليات، جعل الحاجة لإستراتيجية شاملة تعالج تلك التحديات وتضع رؤية مستقبلية تواكب المتغيرات الدولية أكثر إلحاحاً. ومن هذا المنطلق، درج البنك على وضع الإستراتيجيات والخطط لتعزيز أنشطته في الدول الأعضاء من أجل تحقيق الأهداف التنموية المنشودة لشعوب تلك الدول. وحالياً، شرع البنك في مراجعة إستراتيجيته بغية التقويم والتحسين وتدعيم الآليات التي تساعد على رفع الكفاءة وتعزيز التنسيق بين أعضائه من أجل تحقيق أثر تنموي مستدام لمساعدات البنك وبرامجه التنموية المختلفة.

وبعد أكثر من أربعة عقود من العمل الدؤوب والمميز في خدمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وبآليات وصيغ تمويلية تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية، برهن البنك أن النجاح في تلبية حاجات دوله الأعضاء المتغيرة والمتطورة مع الالتزام بأحكام الشريعة أمر ممكن بذات المعايير العملية والمالية والائتمانية التي تُصنف بها نظيراته من مؤسسات التمويل متعددة الأطراف والمؤسسات المالية الدولية الأخرى التي تعتمد أساليب التمويل التقليدية.

وقد جاء ذلك نتيجة لتطور مؤسسي محكم ومستمر شمل عدة جوانب، من بينها تنامي عضوية البنك وحضوره الميداني على الصعيد الدولي لخدمة التنمية وأجندة الأمم المتحدة الخاصة بأهداف التنمية المستدامة وفي مقدمتها الهدف (1): القضاء على الفقر.

الدكتور محمد الجاسر - رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية