-A +A
د. رشيد بن حويل البيضاني Rasheed10305968@ كاتب سعودي
قيل إن: «المثقف بطبيعته لا يملك جواباً نهائياً لأي سؤال، ولا يتصور مثل هذا الجواب النهائي»، فما هي حقيقة ذلك؟.. صورة المثقف المبالغ فيها جعلت منه حالة أسطورية اجترحت الخوارق، كما أشار الأديب محمد العلي في مؤلفه الفلسفي «البئر المستحيلة».. فما تعريفات: «المثقف القلِق»، و«المثقف اليقين»، وما يعرف بـ«المثقف السوبر»؟، وهل يعيش المثقف أزمة خانقة تمنعه من تحمل مسؤولياته المجتمعية؟.

•• •• ••


ثمة تعريفات متعددة للمثقف؛ منها: أنه «يعرف كل شيء عن أي شيء»، أو هو: «من يعرف شيئاً عن كل شيء».. ولأن المعرفة وحدها لا تمنحه لقب «مثقف»، فإنه يُعْرف بالمُتنوع معرفياً والمُنتج فكرياً، المرن رأياً والمستعد للتأمل في كل فكرة.. ولذلك يذهب البعض إلى أن صنعة المثقف الحقيقي الفكرية ليست مجرد استهلاك لفكر الغير، إنما شمولية معرفية لحركة الحياة والمجتمع.

•• •• ••

وعند الولوج للحديث عن نوعي المثقفين؛ «اليقين» ونقيضه «القلق» وما بينهما، فإن «مثقف اليقين» يعزز اليقينيات، ويدَّعي عدم امتلاك الأجوبة.. أما البذرة المُولِّدة لمصطلح «المثقف القلق»؛ فسببها القلق الفكري الرافض للوضع القائم بمكوناته القاصرة، وعدم الركون إليه، وعدم قبول تبريراته.. ومع أن الشريحة الأوسع هم «مثقفو اليقين» بأيديولوجياتهم وإنتاجهم؛ هناك من ينادي بمواجهته بالمثقف القلق الذي لا يستكين لعقيدة فكرية.

•• •• ••

إذن؛ فإن تلك الأيديولوجيات جعلت من المثقف غريباً عن ذاته ومجتمعه، ولذلك فهو الآن بحاجة إلى اكتشاف نفسه من جديد.. هذه الغربة الحقيقية جعلت قلم المثقف المصطنع يرجف بنظرة مشوشة، لعدم ثقته بأدبه وتراثه، فلم يستطع تقديم أفكار بنّاءة لمجتمعه.. ويخطئ من يعتقد أن هدف النقَّاد لنقد المثقف هو بقصد الإدانة، بل لأن المثقف يشكل محوراً لصميم مهنته وإنتاج الفكر.

•• •• ••

أما حين خلط بعض المثقفين بين وظائفهم الأساسية داخل المجتمع؛ اختلطت خصائص المثقف عن السابق، فلم يستطع تحديد مهامه بوضوح.. وعندما وقع المثقف في واقع ضبابي؛ دخل في حالة جمود أمام معادلة الاضطراب الفكري، وعاش فِصاماً ثقافياً وتجارب عصفت به.. ولما توازى الحراك الإنساني والعلاقة العضوية بين المثقف والطبقات المجتمعية؛ توارى المثقف عن امتلاك الهيمنة الثقافة المعبرة عن تلك الطبقات.