الاستطلاع الذي أطلقه المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي لتطوير اللائحة الحالية لمجلس الجمعيات الأهلية، حرصاً على تفعيل أدواره في تمثيل تلك المؤسسات وتمكينها والعمل على تطويرها، يقودنا إلى الحديث عن هذا المجلس المهم، لعمل مقاربات بين الواقع والمأمول من هذا المجلس الريادي، الذي وُصِف بأنه (قالب متعدد الاستخدامات).
فمجلس الجمعيات الأهلية -لمن لا يعرف تفاصيله- هو مجلس إشرافي على المجالس الفرعية التابعة له في جميع مناطق المملكة التي تضم نحو 1910 جمعيات، بها أكثر من 235 ألف متطوع.
وقد حدد المجلس أهدافه في تحقيق التعاون والتكامل والتنسيق بين الجمعيات الأهلية، وتمكينها وتطويرها وتمثيلها، بهدف قيادة العمل الأهلي محلياً ودولياً، مُقدماً العديد من المبادرات واللقاءات وورش العمل التي تعزز أدواره التنموية، مع حرصه المستمر على عقد الشراكات مع القطاعات المختلفة بما يدعم تحقيق الاستدامة وإثراء تجارب القطاع غير الربحي.
وهذا يقودنا إلى طرح مزيد من الرؤى المأمولة من هذا المجلس، في ظل الاستطلاع المطروح حول لائحته التنفيذية.. والتطلع إلى توسيع اللوائح والصلاحيات الممنوحة له بما يخدم الأطروحات والرؤى المأمولة منه لتعزيز ازدهار هذا القطاع وتمكينه وإثراء تجاربه وتحفيزها بما يحقق المستهدفات المنتظرة منه.
* ولعل من هذه الأفكار وضعُ آليات تربط مخرجات مجالسه الفرعية في مختلف المناطق عبر (هيئة تنسيقية) يستعرض أعضاؤها التجارب الابتكارية الناجحة في كل منطقة بهدف نقلها إلى مختلف المجالس الفرعية في باقي المناطق لتستفيد منها المؤسسات الأهلية خاصة في المناطق النائية التي ما زالت بحاجة إلى نقل الخبرات التراكمية إليها من خلال تزويدها بمثل هذه التجارب.
ولعل من الأهمية بمكان إيجاد آليات داعمة لتلك الجمعيات النائية لتضطلع بأدوارها المجتمعية من خلال التوسع في (الجغرافيا الخدمية) لها ولتكون جزءاً فاعلاً من المشروع التنموي.
* كما نضع على مائدة الدراسة ضرورة وضع مادة لإنشاء مركز إعلامي كبير يدعم أدوار تلك الجمعيات، يعمل به متخصصون في فنون الصحافة والإعلام المرئي، والسوشال ميديا، ويكون دوره تعميم التجارب وتقديم الدراسات والاستشارات الإعلامية، إضافة إلى نشر أخبار الجمعيات وأنشطتها وبرامجها في مختلف الصحف والفضائيات المستهدفة والمواقع، مع عمل ملفات صحفية شهرية أو ربع سنوية عن نشاطات كل مؤسسة وتوثيقها ونشرها على أوسع المستويات.
ويمكن أن ينسق هذا المركز الإعلامي المقترح مع إدارات التواصل المؤسسي في مختلف الجمعيات لاستقبال المواد الصحفية التي تُؤسس للمفاهيم المعاصرة في الإعلام الخيري.
* كما نأمل منح المجلس صلاحيات للاضطلاع بمهمات تنموية لتوسيع أدوار الجمعيات في المسارات الخدمية من خلال التنسيق مع جميع الجهات ذات العلاقة لإرساء بعض المناقصات الحكومية الخدمية على تلك الجمعيات، كل حسب اختصاصها، في ظل السماح الذي أعلنت عنه مؤخراً وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في هذا الجانب، خاصة تلك الجمعيات التي تضم الكثير من الكوادر المؤهلة التي يمكن أن ترفد تلك المناقصات بخبراتها التراكمية بما يدعم الاستدامة في تلك الجمعيات.
وطالما كانت تجمع بين هذه الجمعيات مستهدفاتٌ تنموية تتواكب مع رؤية المملكة 2030 خاصة في جانب تحقيق الاستدامة المالية وتفعيل الأدوار التنموية المجتمعية، فلعل من الأهمية بمكان إرسال وفود من المجلس للاطلاع عن كثب على تجارب تلك الجمعيات وإمكانياتها ليقوم بعدها بترشيح الجمعيات المؤهلة للحصول على تلك المناقصات.
* لقد قدمت جمعية البر بجدة من خلال مجلس إدارتها وجهازها التنفيذي نموذجاً رائداً في العمل الخيري من خلال الاهتمام بممكّناته المتنوعة كالتحول الرقمي والاستثمار العقاري والتجاري والعمل التطوعي الفاعل، بهدف تمكين العمل الخيري واستدامته وتيسير أداء الأعمال فيه، مستهدفةً دعم المسار التنموي الاقتصادي والاجتماعي، من خلال استلهام برامج الرؤية التنموية المختلفة وتطبيقها في مختلف أنشطتها وبرامجها المتعلقة بدعم وتمكين الأسر والأيتام وتقديم الرعاية الصحية لمرضى الفشل الكلوي وغيرها الكثير من البرامج.
كما قدمت الكثيرُ من الجمعيات الأخرى المتخصصة نماذجَ لتجارب احترافية متميزة في إثراء العمل الخيري يمكن الاستفادة منها، في مختلف القطاعات، عبر تنفيذ تلك الجمعيات للعديد من المناقصات الداعمة للاستدامة فيها سواء في مجال التطوع أو المجال الصحي، أو التقني، أو التوعوي، أو في المجال البيئي، والخدمات المساندة، والدراسات والاستشارات المتخصصة وتنظيم الفعاليات والمعارض والمؤتمرات وغيرها الكثير من المجالات.
فهل نرى في اللائحة التنفيذية لمجلس الجمعيات الأهلية مواد تنص على تفويض المجلس للاضطلاع بهذه الأدوار المحورية المقترحة بالتنسيق مع الجمعيات ومختلف القطاعات ذات الصلة؟
هذا ما نرجوه في ظل الحراك التنموي الملحوظ في الوزارة وفي المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي.
* المستشار الإعلامي لجمعية البر بجدة.