«العين الثالثة» (الحاسة السادسة) السلطة الرابعة، مصدر الخبر، منارة الثقافة، وصوت التوعية أداة النقد، والرأي والرأي الآخر، الركن الأول في الإعلام، نعم إنها «الصحافة».
لقد شكلت الصحافة طوال السنوات الماضية نتاجا فكريا وحضاريا، وصالوناً ثقافيا يضم العديد من المثقفين، والمفكرين، والكتاب، ورسامي الكاريكاتير، والمصورين، والنقاد تجمعهم المعرفة، والموهبة للإسهام في تنمية الإعلام الوطني.
كما ساهمت الصحف أيضاً في تثقيف أجيال من القراء على مستوى رائع من الثقافة الأدبية والتاريخية، والسياسية، بالإضافة إلى الرياضية، والاقتصادية... إلــخ.
من خلال التقارير، والمقالات المختلفة، لتشكل اللبنات الأساسية في بناء الفرد، كماء أنها عملت على التضامن الاجتماعي، وغيرها من السمات الاجتماعية، والثقافية... والــخ واطلاعنا على المجتمعات المختلفة.
وكثر الحديث في الآونة الأخيرة أن الصحف الورقية، أو الإلكترونية، انتهت ويجب إغلاقها، وذلك لاستحداث كثير من المنصات، دون إدراك إلى عواقب إغلاق هذه الكيانات، والصروح الثقافية التي تضم العديد من الخبرات، والكفاءات العالية، التي ساهمت في أن تصبح الصحافة عنواناً وطنيا، ورافدا اجتماعياً، لتوثق وتؤرخ مراحل مختلفة، وعراقة، وتاريخا، وأصالة إرث ثقافي كبير.
ولا يزال عمود الصحيفة متابع، وصامد أمام تغريدة تويتر، أو بقية الوسائط الأخرى، وذلك الامتياز، صحف بأنها تأخذ بعين الاعتبار المصدر، والمكانة الاجتماعية للقراء، واختيار المفردة المناسبة، أما مصادر السوشيال ميديا فلا تلتزم بمعايير الصحافة كـ«رأي» والخبر، أو الذوق العام، بل هي مصدر للأخبار الكاذبة في الأغلب، أو الفردية التي لا تعكس رأيا عاما، فلا بد من صحف لتكون منبرا ومصدرا موثوقا للمسؤولين والناس، فهي مرآة المجتمعات، وصوت الناس، وهي همزة الوصل بين المسؤول والفرد.
وأني أتعجب ممن ينادون إلى إغلاق الصحف، وأنها انتهت، فقد تكرر الحديث ذاته، حينما تم اكتشاف التلفزيون بعد الإذاعة والمسرح، بعد دور سينما التطور، لا يعني إلغاء كيان وصرح، ولا سيما إن كان هذا الصرح ثقافياً، واجتماعياً، ومن منابر الإعلام المؤثرة والهامة التي تخدم الوطن الغالي، ومواطنيه، وتبين الصورة الحقيقية بكل شفافية ووضوح، لتشكل قوة ناعمة تخدم الوطن وتدافع عنه.
أعلم أن أزمة صحافة عالمية، لكن الصحافة السعودية تمر بأزمه اقتصادية صعبة، ومنعطف خطير جدا سواء الورقية منها، أو الإلكترونية، فقد عملت كل الصحف على تقليص نفقاتها وهي بالأساس محدودة، حتى أنها بترت جزءا هاما من جسدها، وهو استقطاب الكفاءات الصحفية والكتاب.
أو على الأقل إبقائها؛ نعم خسرت صحفنا أقلاما هامة وذلك لغياب الحوافز والكفاءات.
وغير صحيح أنه لا توجد حلول.
فهنالك صحف عالمية عديدة لا زالت ناجحة، ولا تعاني.. حتى الورقية منها، من أزمات، وذلك لما تتلقاه من دعم وتسهيلات مالية، وتجارية مثل ذا تايمز أو أساهي شينبون... وإلــخ.
وهنالك أيضا.. عدة حلول مثل أن يتم تحويلها الى مؤسسات للدراسات، والتدريب والإنتاج الإعلامي، أو أن يتم تميزها عن غيرها من المنصات في بعض الأخبار أو الإعلانات بشكل حصري وغيرها من الحلول، والتي يعرفها الخبراء من رؤساء الصحف وملاكها.
كما أنني أتمنى أن توجد حلول وتسهيلات تنسجم مع الوضع الراهن للصحافة، حتى تواكب وتساهم في رؤية المملكة 2030.
وإنني في هذا المقال أناشد وزير الإعلام سلمان بن يوسف الدوسري -سلمه الله- الذي يملك التاريخ الإعلامي المميز والإنجازات الصحفية.
وواثق جداً.. ومتفائل في أن يجد حلولا للصحف والصحفيين، حتى تكتمل المنظومة، وتسهم الصحف في قطاع الإعلام، وتأتي رسالتها السامية للوطن، وتدافع عنه وعن مواطنيه، وتظهر الصورة الحقيقية لوطننا الغالي، بصفتها قوة ناعمة ومؤثرة.