-A +A
خالد بن هزاع الشريف khalid98alshrif@
•• ظللت قابعاً لساعتين ونيف من الوقت في مكتبي داخل معرضي للعطور وأمامي ابني «محمد».. كان مشغولاً بالرد على رسائل وصلته على المحمول، وكنت أراجع ملفات متعلقة بأمور المعرض.. نهضت من مقعدي للخروج من مكتبي إلى صالة المعرض كسراً للرتابة التي استمرت طويلاً.. قبيل خروجي من المكتب يفاجئني «محمد» بسؤاله: «أبي.. هل فعلاً نحن مدينون للحياة بقدر ما هي مدينة لنا؟».

•• يبدو لي أن هذا السؤال نادراً ما نسأله لأنفسنا ولغيرنا ولا نعرف ما السبب.. هل هو احتكار كل منا للعلم والتجربة، وحتى مواهبنا نبقيها لأنفسنا لا نريد بثها لغيرنا؟.. أم أننا سلكنا طريقاً غير صحيح لنقل تجاربنا إلى الآخرين؟.. أم أن ظروف الحياة وضعت على طريقنا أناساً لا يفهموننا، فأدى ذلك إلى طريق «اللاتفاهم»، لنضطر إلى كتم ما يحمله فِكرنا؟.


•• أولئك المهووسون ببتلاتهم المُجْدَبة يظنون أنهم يعطون للحياة أكثر مما تعطيهم.. يرون أن الحياة ترحب بهم وتطرد من رحمها غيرهم.. يحسبون أن الحياة مدينة لهم بأشياء كثيرة فيغسلون تراخيهم الأسود بمادة الاستعلاء دون شعور بالإثم.. وحين لم يدركوا أنهم تمردوا على البيئة والإنسان أرادوا كسر اللجام فتقمصوا دوراً غير المطلوب منهم.. هؤلاء إنما يعيشون بروح هائمة خالية من الدفء الإنساني.

•• لا يمكن أن نصبح خلاَّقين في دنيا الواقع إلا بأن نجعل من الحياة بطولة لا خيبة وانكسار.. نبلل عقولنا بتجارب بعضنا.. نظلل بعضنا بما أخذ كل منا من عالَمه.. نحلل ما تقذفه لنا تجارب الزمان.. نوفر لبعضنا الإحساس بحميمية العلاقة مع من حولنا.. نربت على أكتاف بعضنا إذا أصبح أحدنا أسير قفص الآلام.. حينها نغني لبعضنا «الحياة حلوة بس نفهمهـا».