منحنيات طويلة تأخذك إلى أفق السعادة، وتعيدك إلى قاع الحزن، تشعر بقسوتها، وتطير فرحاً بجمالها، يطول بعضها ويقصر، ويغادر البعض تاركاً بصمته؛ ليبقى أثر ما طبع في قلوبنا من خير يقوي عزيمتنا، وشر نعكف على لمِّ شتاتنا بعده، وربما نتعثر فيتعذر علينا مغادرة مشاعرنا البائسة؛ لنصطدم بموج الذكرى، وجروح لا تندمل، منها ما نغلبه، وبعضها قد ينتصر ونهزم!
واقع نعيش أحداثه؛ فنبتهج لمكتسباتنا ونسعد، والمؤلم حين نغوص في أعماق الحزن والألم، فتبقى مشاعرنا كقارب صيد صغير تتلاطم به أمواج أعالي البحار تائهاً لا يعرف للبر طريقاً، ولا للرسو سبيلاً، فما أن تهدأ موجة إلا وتثير أخرى مدامعه وألمه؛ فكأني براكبه في عالم ليس من مكوناته متعة الحياة، وبهجة عيشها، بل داخل إطار يلزمه الحسرة والأسى، وما أن يفوق إلا وقد رحل عنفوان شبابه، تاركاً النحيب لما فات، والحسرة لضياعه.
رجل كبير بلغ من العمر ما أقعده، ومن التجارب ما أثنى مسيره، عاش حياته بعزيمة، واختار البهجة طريقة، غاص في العيش بكرامة، وكان التفاؤل سمته، والأمل يملأ قلبه، خاض من المواقف ما أبهجه، وذاق منها ما اعتصر قلبه، وقد نظر إليها برضا، ليجمع شتات روحه، مؤمناً بالقدر الكوني وما لا يملك تغييره، والإرادة الشرعية بالتعامل مع قدره، فلم يحرم نفسه ملذات الحياة، كما كان مقيماً لصلاته، عابداً لربه؛ ليجمع بين العيش بإيمان، والحياة بمتعة.
وآخر أدماه أنينه، ونثر على جسده تبعات خضوعه، فلم يحتمل تجاربه المؤلمة؛ لتنثر شظاياها في جسده حتى أضحى مجرد روح تخطتها البهجة، لتبقى في عمق سحيق، غلافه الونين والحسرة.
ختاماً:
لا تقتل المتعة يا مسلم؛ نطقها دون تكلف، فغمرت القلوب، وحركت المشاعر، وحوت الكثير.