-A +A
هناء الثبيتي باحثة دكتوراه hanaotibi@
«التعليم أساس النهضة، ولا نهضة بلا تعليم».. كثيراً ما تتردد مثل هذه العبارات المشيدة بأهمية التعليم ودوره في حضارة المجتمعات ونماء الإنسان.. وهذه حقيقة لا تقبل الجدل، ولكن ما يستحق النقاش: كيف نحوِّل «التعليم» في المدارس إلى بيئة حيوية وإبداعية تسهم في جذب ورضا المتعلم؟، وما الوسائل المتاحة التي يمكن تطبيقها لهذا الهدف؟. خصوصاً أن «التعليم» منظومة لها مدخلاتها وعملياتها ومخرجاتها، وهي بذلك منظومة متداخلة العناصر يؤثر فيها كل عنصر على الآخر على نحو سلبي أو إيجابي.

وسأركز في مقالتي على «العلميات»، وأعني تحديداً استراتيجيات التعليم المستخدمة في مدارسنا لتوصيل المعلومة، وما دعاني لذلك ما شهدناه كمبتعثين من جودة التعليم في المدارس الغربية؛ طرقاً واستراتيجيات إبداعية مستخدمة، منذ المرحلة التمهيدية حتى الدراسات العليا.


من أهم الأهداف التي تسعى سياسات التعليم في تلك الدول إلى تحقيقها تكوين متعلم مستقل واعٍ وقادر على التمييز والنقد، بتعزيز مهارات التفكير العليا لديه، مثل: مهارات التحليل والربط، البحث والتقصي، النقد وحل المشكلات، ويتم ذلك بالتنويع في الاستراتيجيات والوسائل التعليمية المستخدمة في الفصل الدراسي المتمثلة في: الاستفادة من خبرة المتخصصين والباحثين والخبراء، أسلوب المناظرة، إثبات الحجة، التجربة، الاستنتاج، الرحلات للمتاحف والمدن التاريخية، وحضور المسرحيات وتحليلها من منظور الطالب، فالطالب حين يقوم بهذه الأنشطة يكتسب تلك المهارات دون وجود كتب مدرسية تثقل كاهله، مثل تلك الممارسات لم تكن وليدة الصدفة، بل نتاج تخطيط محكم بدأ من استقلالية القطاع التعليمي لكل منطقة، ما أسهم في تميُّز كل مدرسة وكل منطقة على نظيرتها.

إن سياسات التعليم في بلادنا الحبيبة شهدت قفزات نوعية في مجال التعليم، وأصبح جلياً للعيان ما تقوم به حكومتنا الرشيدة من دعم وتسهيل لقطاع التعليم لتجويد وتحسين العملية التعليمية، ولكي يصل هذا التحول إلى مبتغاه يتطلب تكاتف الجهود، مع الإيمان بأهميته، ولعل البداية تنطلق من استقلالية قطاع التعليم بشكل تام عن الإدارة المركزية، فتسند لكل منطقة إدارة تعليمية مستقلة لها مناهجها ووسائلها التعليمية. ولضمان الانضباط والالتزام بمعايير الجودة في العملية التعليمية فإن تصميم منهج وطني موحد يرسم بشكل عام الأهداف والقيم والمهارات المراد تحقيقها سيفي بهذا الغرض.

وبهذا نكون قد منحنا كل إدارة تعليمية صلاحيات تمكنها من وضع سياساتها ومعاييرها الخاصة بها فيما يتعلق بالمعلم والطالب، مثال على ذلك: المزايا الوظيفية الخاصة بكل منطقة، الزي المدرسي، طرق واستراتيجيات التدريس كوجود كتب من عدمه وغيرها من الصلاحيات.

أخيراً؛ إن تقليل المركزية وخلق بيئة تنافسية إيجابية بين المناطق سيكون له عظيم الأثر في تحسين استراتيجيات التعليم المستخدمة وتسهيل إجراءات تطبيقها.