الحب لغة.. لا يجيد الحديث بها إلا العشاق؛ ممن نظموه شعراً وتغنوا به في قصص حياتهم؛ التي خلدها لهم التاريخ.. فنجد عنترة بن شداد؛ يستحضر معشوقته «عبلة» حتى في ساحات الحرب ومضارب البطولات، وقيس بن الملوح الذي لا زمته «ليلى» مدى حياته حتى جنَّ بها.. لتكون هذه المرأة واقعاً ملموساً أو خيالاً سرمدياً لدى الرجل الذي لا يجد للحياة طعماً أو مذاقاً بدون أن يمر طيفها عليه.
وفي هذا المقال علينا أن ننصف الحب.. الذي ينمو بين أضلع الرجال، وتستشعره المرأة عندما تنتصر مشاعرها على عقلها.. فهل يتوزع الحب في قلوب هؤلاء الرجال بنسب متفاوتة؟!.. أم أنه يكون بمساحة كبيرة في قلب من يملك زوجة واحدة؟!، أو يمكن تجديده بالتعدد والزواج من ثانية وثالثة ورابعة؟!
وللفصل هنا.. طرحت سؤالاً على هذه الشريحة من الرجال «هل يوجد حب للنساء في قلوب الرجال المعددين؟!»؛ فأجابوا: إن الحب عنصر مطاطي.. يتسع لعدد كبير من النساء في آنٍ واحد ويتوزع بدرجات متفاوتة، ولكنه لا يظلم أحداً من نصيبه.. ويرى البعض خلو قلب الرجل الذي يلجأ للتعدد من الحب.. فالحب لديهم أن تظل في قلب من تحبها.. وتحافظ على هذه المكانة حتى وإن هرمت وسقطت أسنانها! فهل سترضى حواء يوما عن آدم وستتقارب المسافة بينهما في قضية التعدد؟ أم يظل التعدد رهن ثقافة وعادات وتقاليد كل بلد؟!
وأذكر هنا تجربتي الشخصية حينما كنت أُقدم برنامجاً إذاعياً بإحدى الإذاعات السودانية، وقد خصصت بعض حلقاته للنقاش حول تعدد الزوجات لأني رأيت العديد من الفتيات قد فاتهن قطار الزواج، وبعد الحلقة الثانية جاءني المخرج وقال لي: والله زوجتي بدأت تسألني عن جدول أعمالي اليومي، وهي غاضبة منك أشد الغضب لأنك فتحت باباً تكره سماع صوته كل النساء، ثم ما لبث المخرج في الحلقة الرابعة من البرنامج إلا وقد اعتذر عن الاستمرار معي في إخراج البرنامج؛ فعلمتُ أن الأمر كان جدا خطيرا، ولم يتوقف الأمر عند مخرج البرنامج لأن حلقات البرنامج الإذاعي كان لها صيت واسع لدى الجمهور، حتى صدر الأمر من مدير الإذاعة بوقف النقاش في هذا الموضوع.. هذه حقيقة عشتها بالسودان.
وبين العزوبية والتعدد.. صراع مستمر.. فمن آثر إحداهما على الأخرى فلا يُلام، ولكلا الفريقين مبرراته المنطقية والواقعية في الاختيار، لكن يظل الحبُّ هو شعرةُ معاوية في المعادلة العزوعددية «أي العزوبية والتعددية».
وهنا نستشهد بما سطره التاريخ من قصصٍ للحب الخالد في الأدب العربي.. والذي ينساب شعراً ليسكن في سويداء الفؤاد، وقد يمرض صاحبه، ومنها:
تداويت من ليلى بليلى عن الهوى... كما يتداوى شاربُ الخمر بالخمر
ألا زَعَمَتْ ليلى بأن لا أحبها... بلى والليالي العشرِ والشفع والوَترِ
لقد فُضِّلَتْ ليلى على الناسِ مثل ما... على ألف شهرٍ فُضِّلتْ ليلة القَدْر
حيث مات معها قيس بن الملوح «مجنون ليلى» متيما بحبهاً.. وكم من قتيل ساروا بجنازته وهو متيم كما قيسِ.
فهل ستظل جدلية حواء وآدم بين التعددية والعزوبية في صراع الحب باقية، أم سيظل كلا الفريقين سعيد بحزبه؟!