-A +A
خالد بن هزاع الشريف khalid98alshrif@
•• ما إن توقفت السماء عن إشباع الأرض بمائها حتى تذكرت ذلك الرجل الذي يهرول في الحياة بما يعانيه من ضنك وفاقة.. رأيته في مخيلتي وكأنه يردع دموعه المتلألئة في عينيه.. هذا الرجل العامر قلبه بالحياة يدفع فاتورة انزوائه عن الناس توقِّياً لنظراتهم المُشفقة.. ولأنني نضجت على فرن محبته هاتفته من بين كل من أعرف للاطمئنان على حالته وأحواله جبراً لخاطره.

•• هناك من البشر كل شيء فيه يبكي بانكسار.. وهناك من البشر يحاول حبس دموعه التي تحاول الانفلات أمام أحبائه وأهل بيته.. وهناك من البشر يحمل شلالات دمع تجرف طين الأسطح المُترَبة.. وهناك من البشر تبلغ دموعه الساخنة لأن يغتسل بها في شتاء بارد.. فمن يطبع ابتسامة عميقة على تلك الأنفس بكلمة جابرة للخواطر ينقلهم بنسيج مشاعره الجيّاشة إلى زمن السعادة.


•• من يكتنز ينابيع من الإنسانية ينسدل كالحرير على روح من حوله.. ومن يسبح داخل أعماق الناس يسير مئات الخطوات إلى قلوبهم.. ومن تعلو بسمته لينقِّب عن هموم النفس يقترب من الآخرين أكثر فأكثر.. أما من ينكفئ بعيداً عن هموم البشر بقفاز التقوقع على ذاته فلا تعني له الحياة شيئاً، ولا يهمه أن تصعد به إلى أعلى بقعة في حب الأدميين.

•• يخطئ من يتهيأ أن الناس خلعت «جبر الخواطر» من دواخلها.. براكين الخير تهدر هدراً في النفوس البشرية وتحتاج لمن يحرِّكها داخل الوجدان.. أهل العزم الذين لا تخلو قلوبهم من الإيمان تكتسي صدورهم الواسعة مطراً من سطوع العطاء ليطبعوا البسمات على الأرواح المُتعبة.. وأهل النفوس الزكية لا ينقطعون عن «جبر الخواطر» مع أي إنسان وقت الشدة.. هؤلاء هم بحق «مرطبو الحياة».