-A +A
خالد بن هزاع الشريف khalid98alshrif@
•• من يعرفني جيداً يعرف اعتزازي بأهلي وأجدادي.. فمع أول العام الميلادي (2024) كنت على ضيافة أحد أبناء عمومتي.. في تلك العشية الملفتة التي وهبت السعادة لحاضريها؛ خرَجَت من تلابيب ذاكرتي الذكرى الـ90 لوفاة جدي الشريف ناصر بن علي (1934).. القائد الذي يملك قدراً كبيراً من الجَلَد.. الرجل القوي الشجاع الذي لا يعرف البغضاء ويؤمن أن الحميمية أصدق ما في الحياة.

•• حكاية جدي الإنسان الأبي الصارم قديمة لكنها تتجدد دائماً بذاكرتي.. حكاية تحكيها الأمهات والجدات لتستثير حمم جيل غارق في الأحلام.. حكاية ممزوجة بطعم الزمن تحمل موجات عبرة وصور قديمة.. حكاية تنتزع الصَدف وأكوام اللآلئ من زمن يراه البعض مرآة قديمة.. حكاية من طراز نادر نبتت ونمت بملامح من الرجولة والشكيمة والنخوة.. حكاية تسحبنا إلى الماضي لنبقى قريباً من ذواتنا بعذوبة.


•• حكايات أولئك الرجال لن تمحى من التأريخ ولا الأجيال.. حكايات رجال امتلكوا إرادة وإيماناً تخطت الصعوبات في زمن صعب.. حكايات رجال برائحة زكية استنشقت أنفاس البطولات بلحن قديم يلتصق بنا إلى الأبد.. حكايات رجال امتلكوا القدرة على اتخاذ الاستعداد الدائم أمام مصاعب الحياة فباتت ملازمة لهم كالهواء.. حكاية تتحدث عن قصة غرامي التي استرجع بها ذكرى جدٍّ أضاء عتمة أيامه.

•• أما حكاية غرامي بجدي وحياته الآسرة الشبيهة بالماء؛ فشدتني إلى تخصيص مقالة مُفردة عن صاحب ذلك المذاق الحقيقي للحياة.. حين ولادته بالمدينة (1890) أطل كقمر لفت نحوه الأعين.. وحين بدأ نبوغه غرِق في تقدير كل ما هو إنساني، فكان دائم العطاء.. وحين توسَّم السماحة لم يخشَ أحد الاقتراب منه.. وحين أَفْرس القوة والجأش فتح ذراعيه للجميع إلا أعداء العروبة والإسلام.