تحولت مهنة الطب من إنسانية إلى تجارية للأسف، ما ضاعف معاناة كثير من ذوي الدخل المحدود، وهو ما دفعني للتوجه بابنتي لتلقي العلاج من آلام في عينها إلى الطوارئ في أحد المستشفيات الحكومية في جدة، وبعد تشخيص الطبيب المختص، اكتشف أن هناك خدوشا بسيطة في القرنية ومع علاج لمدة خمسة أيام وقطرات بسيطة ينتهي الموضوع -على حد قوله- خرجنا من العيادة نحمد الله على الحال، وراودتني الشكوك أن ابنتي تتدلع بالرغم من أنني أرى دموع ألمها بعيني وما إن مر اليوم الأول وكنّا متفائلين بكشفية الطبيب الذي حثنا على استخدم العلاج حسب وصفته لنتفاجأ بزيادة حالة الالتهاب والاحمرار وتغبيش الرؤية خصوصاً بعد استخدام العلاج مباشرة، لنعود أدراجنا للمراجعة بعد يومين، ونحظى بطبيب أخصائي آخر ليؤكد أقوال زميله أن الموضوع بسيط والخدش يحتاج إلى «كم يوم» مع إكمال العلاج ويخف ولا حاجة للقلق ويجب أن يأخذ العلاج وقته، وطبعاً من المعيب في حق أي طبيب أن تدخل عنده وتخرج دون أن يعطيك زيادة على وصفة صديقه، وكتب لنا علاجا آخر، وأدخلني الوضع في صراع نفسي هل أصدق ابنتي التي تبكي أمامي وتشكو من وجع وصداع أم أصدق الطبيبين اللذين أكدا أن الحالة عادية وتمر عليهما في اليوم عشرات الحالات مثلها ولا يعاني المريض فيها من هذه الآلام التي تدعيها ابنتي المسكينة التي تزداد حالتها سوءا كلما استخدمت العلاج، وبعد خمسة أيام راجعنا فوجدنا طبيبا مختصا ثالثا ليؤكد أن العين تحسنت ويَصْب الزيت على النار بوصفة جديدة كادت أن تكون القشة التي تقصم ظهر البعير لو استخدمناها، ولولا لطف الله وإلهامه لنا بضرورة اتجاهنا لعيادات مختصة لحدث ما لا يحمد عقباه واتجهنا للعيادة، واستغرق الطبيب المختص نحو ساعة يكشف على عين ابنتي وأكد أنها مصابة بفايروس معد وخطير ولولا لطف الله وحضورنا في الوقت المناسب ربما وصل للشبكية وتسبب بفقدان البصر وطبعاً منعنا من كل الأدوية السابقة التي لم تجد نفعاً سوى أنها طورت الحالة الالتهابية وحولتها لجرثومية بسبب سوء تخزينها واقتراب مدة انتهاء صلاحيتها علماً أن الأدوية كانت مجانية من نفس المستشفى الأول والحمد لله ابتدأت ابنتي بالتماثل للشفاء ولكن بعد معاناة كبيرة بسبب احتياج أقسام الطوارئ لطورائ لعدم وجود أمانة في تعيين أطباء مختصين بدل المتدربين والطلاب الذين يعتبرون أي مريض يزور الطوارئ بمثابة حقل تجارب لدراساتهم وتجاربهم عافنا الله وإياكم.