الأستاذ طلال قستي
الأستاذ طلال قستي
-A +A
طلال بن حسين قستي
في كل يوم وعلى مدار الساعة هناك ضحايا حوادث المرور، تقدر أعدادهم بالمئات في بلادنا.. ويكفي للتدليل على حجم المشكلة المرورية هو المعدل المرتفع للوفيات اليومية لندرك بالتالي مقدار حجم المسؤولية الملقاة على عاتق رجال المرور.

وفي هذا الصدد، أشير إلى التوجيهات الأخيرة لولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، وذلك في الاجتماع الذي عقد برئاسة سموه لمناقشة أسباب الحوادث المرورية وكيفية الحد منها؛ ففي هذا الاجتماع طالب الأمير محمد بن نايف العاملين في الإدارة العامة للمرور ببذل كافة الجهود للحد من تنامي الحوادث المرورية، ومما قاله حفظه الله: يزعجنا جميعاً كثرة الحوادث المرورية التي يذهب ضحيتها يومياً فلذات أكبادنا.


فمن هنا، وفي ضوء هذا الاهتمام وبمنتهى الموضوعية نؤكد أن تقديرنا جميعاً لما يبذل من جهود مختلفة لتوفير الأمن والسلامة المرورية في بلادنا، لا يمنعنا من معاودة طرح الاقتراح الذي سبق لي نشره تحت عنوان «هل من عودة لابتعاث المرور» والذي نشر على حلقتين بجريدة المدينة في شهر ربيع الآخر من عام 1421هـ.

إن الإدارة العامة للمرور تدرك بلا شك أهمية الابتعاث، مثلها مثل بقية الإدارات الحكومية التي لها مبتعثون في مختلف أنحاء العالم، فمن حقها اختيار الأسلوب الأمثل للارتقاء بمنسوبيها، وحتى مع وجود كلية قوى الأمن الداخلي وبعض المعاهد الأمنية الأخرى التي تؤهل خريجيها للعمل المروري. ولذلك أعتقد أنه لا بد من دعمها ببعد خارجي مؤثر وهو الابتعاث الذي قد يُسهم في تحفيز رجال المرور للوفاء بمسؤولياتهم الهامة وقد انتهلوا العلوم ومارسوا المهنة في بلدان متقدمة مرورياً، ولا غضاضة في ذلك فقد قيل قديماً «اطلب العلم ولو في الصين»، فالابتعاث يبعث على الثقة بالنفس ويعزز المعرفة وينمي اكتساب الخبرة والثقافة المطلوبة في رجال المرور. ولأن المجال هنا لا يتسع لذكر مزايا الابتعاث المنظم والتدريجي، يكفيني هنا للتدليل على هذا التوجه هو ما قامت به وزارة الداخلية منذ أكثر من ثلاثة عقود عندما خاضت تجربة الابتعاث لرجال المرور، وقامت بابتعاث أكثر من 200 فرد إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم التحاقهم بأفضل معاهد المرور، كمعهد المرور بجامعة نورث ويسترن بولاية إلينوي، ومعهد المرور بسان أنطونيو بولاية تكساس، وغيرهما، وقد كان لي الشرف بنشر أخبارهم عندما كنت رئيس تحرير مجلة المبتعث بأمريكا وقتئذ، خاصة التقرير الذي بعثه لنا المقدم إبراهيم الميمان مساعد مدير إدارة المرور برقم 21/‏27627 وتاريخ 7/‏7/‏1401هـ، لذلك نعاود هنا القول بالمطالبة لإعادة بعثات المرور بزخم أكبر، ولا أقول بعثات مرورية لأمريكا فقط بل قد تكون لدول أخرى اشتهرت بأنظمتها وأساليب سلامتها المرورية.

والحق يقال إن فعالية رجال المرور في الميدان قائمة ولكن لا بد لها من تدعيم، بالتجهيزات المرورية الحديثة، واستخدامات التقنية الحديثة التي تجهز بها مركبات المرور، إلى جانب رفع درجة الوعي المروري. ويظل التدريب المستمر داخلياً وخارجياً من الأمور التي ستسهم بإذن الله في توفير جيل جديد مثقف من رجال المرور، يزخر بالمعرفة ويتمتع بالقدرة والحماس على تحمل مسؤولياته والتعامل بكل جدية وإخلاص في كل المواقف والمسائل المرورية، حتى مع وجود «نجم» و«ساهر».

ومن المفيد أن أختم كلمتي بالتشديد على ما قاله سمو الأمير محمد بن نايف من أن مبادرات السلامة المرورية والضبط المروري والجانبين التعليمي والهندسي سيسهم في الحد من الحوادث المرورية، مع التركيز على نشر التوعية المرورية الشاملة، والتي نراها عائقا للأسف رغم كل التطورات والتعديلات التي طرأت على نظام وأحكام المرور مؤخراً.

رئيس تحرير مجلة المبتعث بأمريكا سابقاً