حكمة غير مستوردة «احتراق الشموع لا يعني احتراق جمالها». قبل عامين تقريبًا كتب أحد الأصدقاء رواية، بعد اعتزال العالم معتكفًا عليها مدة ستة شهور، ومن ثم صارت أسيرة حاسوبه الخاص مدة سنة.
كنت أجلس معه أحيانًا، وأرى مدى تعلقه بهذه الرواية، وحالة الانتشاء المفعم بها، ومعالم الثقة التي تشبعت بها قسمات وجهه. سألته يومًا عن عنوان روايته، ابتسم، وطلب مني بأدب الانتظار ريثما ينتهي من مراسلة دور النشر، وتباع في المكتبات ومعارض الكتب المحلية والعربية. وفي اللحظة التي أوشك فيها على إرسال الرواية للنشر، قرر استشارة أحد الروائيين الذين يُشار لهم بالبنان، فتواضع فقرأها، ثم أرسل له رسالة «واتسأب» يقول فيها: «محاولة جيدة، ولكنها لا ترتقي أن تكون رواية، وهي مجرد محاولات تكلف سردية مستهلكة وغير ناضجة في بعض أحداثها»، واختتم رسالته بقوله: «وكأن بعض أحداثها «مسروقة» من بعض الأعمال الأوروبية»، وطلب من المؤلف زيارته لمزيد من التوضيح.
فِي أثناء الزيارة نجح صاحب الشهرة بإثارة مخاوفه من تهمة السرقة الأدبية وإن لم يقصدها، ثم بدأت عملية الابتزاز، فعرض عليه أن يشتري الرواية ليخلصه من المسؤولية، وهو بدوره سيقوم بتحريرها، وترتيب تصعيد الأحداث، وزيادة بعض التعرجات بحشو بعض التفاصيل المتعلقة بالبناء الفلسفي، وتغيير النهاية، وغير ذلك مما يزيل اللبس ويبعد التهمة. وبعد تردد وافق على بيع الرواية مقابل خمسة عشر ألف ريال.
وبعد سنتين كنت وإياه نتجول في أحد معارض الكتب، فلمح اسم كاتب معروف جذبه اسم روايته، وبعد صدمة عنيفة كان يمزق كل ورقة ينتهي من قراءتها، فأصبحت الدموع تسقط على الورق كحبات المطر، وهي تبلل كل ورقة يقلبها حتى وصل إلى آخر صفحة، فأصبحت مرحلة الشكوك يقينًا، فلقد تبين أن الرواية له، ولم يتغير حرف واحد منها، سوى تغيير اسم الكاتب، ومع كل هذا لم يستطع فعل شيء، ولا حتى الشكوى كونها غير موثقة باسمه، وحتى لو ادعى أن الرواية له فمن يصدق كاتبًا مغمورًا لم تتجه نحوه عدسة واحدة طيلة حياته مقابل زخم اللقاءات والإصدارات وحفلات التوقيع والأمسيات التي يتمتع بها الكاتب الكبير.
فكيف نحمي مثل هؤلاء الموهوبين من لصوص الأدب الذين يسرقون أفكارهم وجهودهم، ويتاجرون بها بعد كسر مجاديفهم وخذلانهم، وقطع حبال صعودهم سلم الأدب؟!
Farescom100_m@
كنت أجلس معه أحيانًا، وأرى مدى تعلقه بهذه الرواية، وحالة الانتشاء المفعم بها، ومعالم الثقة التي تشبعت بها قسمات وجهه. سألته يومًا عن عنوان روايته، ابتسم، وطلب مني بأدب الانتظار ريثما ينتهي من مراسلة دور النشر، وتباع في المكتبات ومعارض الكتب المحلية والعربية. وفي اللحظة التي أوشك فيها على إرسال الرواية للنشر، قرر استشارة أحد الروائيين الذين يُشار لهم بالبنان، فتواضع فقرأها، ثم أرسل له رسالة «واتسأب» يقول فيها: «محاولة جيدة، ولكنها لا ترتقي أن تكون رواية، وهي مجرد محاولات تكلف سردية مستهلكة وغير ناضجة في بعض أحداثها»، واختتم رسالته بقوله: «وكأن بعض أحداثها «مسروقة» من بعض الأعمال الأوروبية»، وطلب من المؤلف زيارته لمزيد من التوضيح.
فِي أثناء الزيارة نجح صاحب الشهرة بإثارة مخاوفه من تهمة السرقة الأدبية وإن لم يقصدها، ثم بدأت عملية الابتزاز، فعرض عليه أن يشتري الرواية ليخلصه من المسؤولية، وهو بدوره سيقوم بتحريرها، وترتيب تصعيد الأحداث، وزيادة بعض التعرجات بحشو بعض التفاصيل المتعلقة بالبناء الفلسفي، وتغيير النهاية، وغير ذلك مما يزيل اللبس ويبعد التهمة. وبعد تردد وافق على بيع الرواية مقابل خمسة عشر ألف ريال.
وبعد سنتين كنت وإياه نتجول في أحد معارض الكتب، فلمح اسم كاتب معروف جذبه اسم روايته، وبعد صدمة عنيفة كان يمزق كل ورقة ينتهي من قراءتها، فأصبحت الدموع تسقط على الورق كحبات المطر، وهي تبلل كل ورقة يقلبها حتى وصل إلى آخر صفحة، فأصبحت مرحلة الشكوك يقينًا، فلقد تبين أن الرواية له، ولم يتغير حرف واحد منها، سوى تغيير اسم الكاتب، ومع كل هذا لم يستطع فعل شيء، ولا حتى الشكوى كونها غير موثقة باسمه، وحتى لو ادعى أن الرواية له فمن يصدق كاتبًا مغمورًا لم تتجه نحوه عدسة واحدة طيلة حياته مقابل زخم اللقاءات والإصدارات وحفلات التوقيع والأمسيات التي يتمتع بها الكاتب الكبير.
فكيف نحمي مثل هؤلاء الموهوبين من لصوص الأدب الذين يسرقون أفكارهم وجهودهم، ويتاجرون بها بعد كسر مجاديفهم وخذلانهم، وقطع حبال صعودهم سلم الأدب؟!
Farescom100_m@