رحل بجسده، تغمده الله بواسع رحمته، مثلما يرحل كل حي في هذه الدنيا، لأن البقاء والخلود لله وحده سبحانه وتعالى، ولكنه سيظل حيّاً وباقياً فيها ما بقيت القيم النبيلة والأخلاق الرفيعة.
لم يكن والدي فقط، رغم أن الله تكرم علينا بهذا الشرف، ولكنه كان قدوتنا ورائدنا، وكان المدرسة التي نهلنا من رحابها الوارفة الحكمة والعدل وصلابة المواقف في الحق، كان معلماً من طراز فريد، وهبه الله الهيبة ولكنه يأخذ الناس باللين والحسنى.
في أسلوبه التربوي لم يكن يوجه أبناءه وحتى المقربين منه بالنصح المباشر والقول الجارح، وإنما يستخدم الأمثال والمجاز والحكمة في التوجيه، وعلى ذات النهج النبوي في التربية بالقدوة والموعظة الحسنة كان يترك للآخرين حقهم من الحرية ليربوا في أنفسهم القيم والسلوكيات المحمودة ولا يأخذهم بالشدة.
كان عزيز النفس على كرمٍ، فرغم قربه من ولاة الأمر، وإخلاصه لهم ومحبتهم فيه، لم يطلب فوق ما يستحق، ولكنه يسعى إليهم حثيثاً لقضاء حوائج الآخرين، وهم، كما اعتاد، لا يردون له طلباً.
كنت أعجب وهو حيّ بيننا وأسأل نفسي: من أين يستمد كل هذا الشموخ؟
وكيف استطاع أن يجمع كل هذه الصفات في شخصه؟
الآن وقد عركتني الحياة أستطيع أن أفهم أنه نجح في ذلك لأنه كان يتقي الله في سره وفي علنه، وكانت المسافة بين قلبه ولسانه أقرب ما تكون، لم يداهن، ولم يضطر لأن يخاف الناس. ولذا كان يفعل الخير ولا ينتظر ثناءً من أحد، ولم نكن نعرف ما يقدم للناس إلا منهم، في حياته وبعد مماته، لأنه لا يريد ولا يحب أن يعرف الناس، كانت عيناه على الله لا على مخلوقاته جلّ وعلا. لذا كان حين يخبرنا الناس بما فعل من أجلهم لا نسأله ولا نجعله يشعر بأننا على علم، لأننا كنا نعرف أن ذلك يسوءه ويعكره، رغم أنه لم يكن يتعامل معنا بردة الفعل الحادة.
لقد غرس فينا بأن قيمة الانسان ليست في ما يملك من مال أو ملبس أو سيارة، وإنما قيمة الانسان في ذاته وفي عمله، وأذكر أنه كان يذهب بنا إلى المدرسة ونحن صغار على سيارة وانيت، ولأننا أطفال نريد أن نباهي أقراننا بالسيارة الصالون التي يمتلكها كنا نرجوه أن يأخذنا للمدرسة عليها، ولكنه كان يردد على مسامعنا مقولته تلك التي صارت منذ ذلك الوقت شعاراً نستهدي به في حياتنا ونحاول غرسه في وجدان أبنائنا وأحفادنا مبدأ سلوكياً.
ألا رحم الله والدي ومعلمي وقدوتي الشيخ عبدالرحمن بن صالح بن سبعان وتقبل روحه قبولا حسناً وأسكنه فسيح جناته بين الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقاً.
إنه غفور رحيم، وإنه سميع مجيب.
لم يكن والدي فقط، رغم أن الله تكرم علينا بهذا الشرف، ولكنه كان قدوتنا ورائدنا، وكان المدرسة التي نهلنا من رحابها الوارفة الحكمة والعدل وصلابة المواقف في الحق، كان معلماً من طراز فريد، وهبه الله الهيبة ولكنه يأخذ الناس باللين والحسنى.
في أسلوبه التربوي لم يكن يوجه أبناءه وحتى المقربين منه بالنصح المباشر والقول الجارح، وإنما يستخدم الأمثال والمجاز والحكمة في التوجيه، وعلى ذات النهج النبوي في التربية بالقدوة والموعظة الحسنة كان يترك للآخرين حقهم من الحرية ليربوا في أنفسهم القيم والسلوكيات المحمودة ولا يأخذهم بالشدة.
كان عزيز النفس على كرمٍ، فرغم قربه من ولاة الأمر، وإخلاصه لهم ومحبتهم فيه، لم يطلب فوق ما يستحق، ولكنه يسعى إليهم حثيثاً لقضاء حوائج الآخرين، وهم، كما اعتاد، لا يردون له طلباً.
كنت أعجب وهو حيّ بيننا وأسأل نفسي: من أين يستمد كل هذا الشموخ؟
وكيف استطاع أن يجمع كل هذه الصفات في شخصه؟
الآن وقد عركتني الحياة أستطيع أن أفهم أنه نجح في ذلك لأنه كان يتقي الله في سره وفي علنه، وكانت المسافة بين قلبه ولسانه أقرب ما تكون، لم يداهن، ولم يضطر لأن يخاف الناس. ولذا كان يفعل الخير ولا ينتظر ثناءً من أحد، ولم نكن نعرف ما يقدم للناس إلا منهم، في حياته وبعد مماته، لأنه لا يريد ولا يحب أن يعرف الناس، كانت عيناه على الله لا على مخلوقاته جلّ وعلا. لذا كان حين يخبرنا الناس بما فعل من أجلهم لا نسأله ولا نجعله يشعر بأننا على علم، لأننا كنا نعرف أن ذلك يسوءه ويعكره، رغم أنه لم يكن يتعامل معنا بردة الفعل الحادة.
لقد غرس فينا بأن قيمة الانسان ليست في ما يملك من مال أو ملبس أو سيارة، وإنما قيمة الانسان في ذاته وفي عمله، وأذكر أنه كان يذهب بنا إلى المدرسة ونحن صغار على سيارة وانيت، ولأننا أطفال نريد أن نباهي أقراننا بالسيارة الصالون التي يمتلكها كنا نرجوه أن يأخذنا للمدرسة عليها، ولكنه كان يردد على مسامعنا مقولته تلك التي صارت منذ ذلك الوقت شعاراً نستهدي به في حياتنا ونحاول غرسه في وجدان أبنائنا وأحفادنا مبدأ سلوكياً.
ألا رحم الله والدي ومعلمي وقدوتي الشيخ عبدالرحمن بن صالح بن سبعان وتقبل روحه قبولا حسناً وأسكنه فسيح جناته بين الشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقاً.
إنه غفور رحيم، وإنه سميع مجيب.