الغيثي
الغيثي
-A +A
محمد علي الغيثي
الذين ينظرون إلى إنشاء أكبر مدينة ترفيهية رياضية وثقافية في العالم «مشروع القدية» على أنه سيساهم في توفير 500 ألف وظيفة فقط، لم يقرأوا أبعاد المشروع التاريخي الكبير بكل تفاصيله، لأنها تتجاوز ذلك بكثير، فهو يستهدف توفير أكثر من 77 مليار ريال ينفقها السعوديون بالخارج سنوياً، ولو نجحنا في أن نوفر ثلثهم على الأقل فإننا سنوفر ما يقارب من 20 مليار ريال.

ستتحول الأرض الفضاء الموجودة غرب العاصمة الرياض التي أعلن ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بإقامة أكبر مشروع ترفيهي عليها إلى أرض الأحلام السعودية الجديدة، وكنز جديد لن يعرف السعوديون أهميته إلا مع الإطلاق الفعلي للمشروع العملاق، في ظل التقارير الاقتصادية التي تؤكد أن خسائر سفر السعوديين للترفيه بالخارج تمثل هدرا كبيرا للاقتصاد الوطني.. وقضية لم ينجح أحد على مدار السنوات الماضية في الاقتراب منها أو إيجاد حل نهائي لها.


جاء المشروع العملاق لينسجم مع رؤية الوطن 2030، لاسيما أن الحكومة ستلعب دوراً مختلفاً هذه المرة ولن تكون هي المستثمر حتى لا تضغط على ميزانية الدولة، بل ستقوم بدور مسهل الاستثمارات أمام القطاع الخاص، وستكون إضافة مهمة نوعية لصندوق الاستثمارات العامة الذي تعود إليه ملكية الشركة القابضة التي سيتم تأسيسها، والتي ستعود إليها ملكية أرض المشروع.

تحمل «القدية» أبعاداً اقتصادية كبيرة، وأحلاماً طال انتظارها، وستكون قادرة على خلق فرص وظيفية غير مسبوقة، بل فرص تشغيلية عدة للمستثمرين السعوديين من إنشاءات ومقاولات ونقل ومرافق عامة وتسويق وضيافة وتجزئة، ما يدعم رؤية جديدة للتوطين والتوظيف ويخلق مجالات خصبة يمكن أن تجذب الشباب والفتيات السعوديين، رغم أن تكلفته التي أعلن عنها هي 10 مليارات ريال، وهي يمكن تحصيلها من عوائد غير مباشرة خلال عام واحد فقط.

إنها بادرة ملهمة تترجم الفكر الجديد والتوجه المفتوح للقيادة الشابة ولحكومتنا الرشيدة التي أخذت على عاتقها العمل من خارج الصندوق والابتعاد عن الأفكار التقليدية التي لم تجدِ نفعاً في تحقيق النتائج المرجوة، فهناك الكثير من المدن الترفيهية الصغيرة التي لم تنجح في أن تكون البديل القوي للسعوديين عن السفر، وكان لابد أن يكون المشروع في مستوى تطلعات الباحثين عن ترفيه حقيقي وغير تقليدي.

يعطي المشروع -كما قال المختصون وأصحاب الخبرة- إرادة داخلية لمواجهة التباطؤ الاقتصادي، ويساهم في إعادة هيكلة الاقتصاد على أثر ارتفاع معدلات البطالة ويخلق بيئة استهلاكية جديدة في قطاع الترفيه، حيث إن 36% من الأسر السعودية تتخذ من الخارج وجهة لها في الإجازات والعطل، مع انخفاض الاستهلاك في السعودية خلال الشهور الماضية بنسبة 3%، وبالتالي فإن هذا المشروع سينعكس إيجاباً على الاستهلاك الداخلي.. وعلى الكثير من مناحي الحياة بالمملكة.

Attaho0a@hotmail.com