عبدالمعين الآغا
عبدالمعين الآغا
-A +A
أ. د. عبدالمعين عيد الآغا
في الإجازات تنشط العديد من المراكز الطبية في معظم دول العالم لاستقطاب المرضى بالوسائل الإعلانية المتاحة ومنها التواصل الاجتماعي، زاعمة تقديم العلاج لكثير من الأمراض المزمنة، وللأسف كثيرون ينساقون خلف تلك الإعلانات، فقبل بضعة أيام راجعني أحد المرضى مصطحبا معه إعلانا مفاده علاج نهائي للسكري بزراعة الخلايا الجذعية، بشعار «وداعا للسكري وحقن الإنسولين وحبوب الأدوية»، وطلب مني أن أفيده وأشجعه للتوجه لتلك الدولة، ذهلت أمام المريض، إلا أنني سرعان ما التمست له العذر، فهو سيتمسك بأي أمل للشفاء من المرض المزمن، مثل السكري والفشل الكلوي ونقص المناعة المكتسبة، وأؤكد لمرضى السكري أنه رغم أن أبحاث الخلايا الجذعية تعطي آمالاً كبيرة، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من الجهد الذي يتوجب بذله قبل تحقيق هذه الآمال، فهناك تحديات تقنية لابد من التغلب عليها أولاً قبل البدء في تطبيق هذه الاكتشافات في العيادات الطبية، ومع أن هذه التحديات كبيرة وصعبة إلا أنها ليست مستحيلة، وللأسف تظهر من فترة لأخرى دعايات عن مراكز نجحت في هذه الزراعات، وهي في الحقيقة مراكز تجارية، ولا زالت زراعة الخلايا الجذعية لمرضى السكري في مرحلة البحث والتجربة.

ويعتقد خبراء البحث الطبي أن الخلايا الجذعية قادرة على تغيير تاريخ الأمراض البشرية، عن طريق استخدامها لإصلاح نسيج متخصص أو عن طريق دفعها للنمو بشكل عضو حيوي معين، ورغم هذا، فإن هذه الأبحاث تثير العديد من المخاوف الأخلاقية والإنسانية، ما اضطر العديد من الدول لوضع تشريعات تحدد هذه الأبحاث العلمية، وطبيا هناك نوعان من الخلايا الجذعية، أولا الجينية وتسمى أيضاً الخلايا الجذعية متعددة الفعالية، وتكون في مرحلة الجنين الباكر، ولها القدرة على إعطاء العديد من أنواع الخلايا، وليس كل أنواع الخلايا اللازمة للتكوين الجيني، والنوع الثاني للخلايا الجذعية هي البالغة وتوجد في الأطفال والبالغين على حد سواء، وعندما تبدأ كتلة الخلايا الداخلية للبلاستولة بالتكاثر والانقسام المتكرر تنتج خلايا جذعية متخصصة مسؤولة عن تكوين خلايا ذات وظائف محددة (مثل خلايا الدم الجذعية التي تعطي خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية، وهناك خلايا الجلد الجذعية التي تعطي خلايا الجلد بمختلف أنواعها)، وتسمى هذه الخلايا الجذعية الأكثر تخصصاً بالخلايا الجذعية البالغة.


والخلايا الجذعية الجينية أفضل من الخلايا الجذعية البالغة، وتواجه العلماء بعض المشكلات في الاستفادة من الخلايا الجذعية البالغة، مثل وجودها بكميات قليلة، ما يجعل من الصعب عزلها وتنقيتها، ويقل عددها مع تقدم العمر بالإنسان.

وأخيرا.. أؤكد أن جميع علاجات السكري بالخلايا الجذعية مازالت رهن الأبحاث والدراسات، والمراكز التي بدأت في علاج المرضى هي مراكز مخالفة وأهدافها تجارية، فاحذروا أن تكونوا ضحايا لهذه المراكز المنتشرة في بعض دول العالم.

aagha@kau.edu.sa