تداول مواطنون، خصوصا المهتمين بالشأن البيئي أخيرا، خبر اعتزام وزارة البيئة والمياه والزراعة إنشاء جهاز للشرطة البيئية يعمل على ضبط السلوك البيئي ومنع التجاوزات والمخالفات، بكثير من الغبطة والسرور باعتباره قراراً حكيماً طال انتظاره ويصب مباشرة في مصلحة الوطن وعدم السماح للعابثين بمكوناته ومقدراته، وتتويجاً لمناشدات كثيرة تمت خلال السنين الماضية.
ومن المتوقع أن تهتم الشرطة البيئية بضبط المخالفين لسلامة وصحة البيئة ومراقبة ومعاقبة الأفعال التي تشكل انتهاكاً واضحاً لصحة وسلامة الإنسان والحيوان والنبات والطبيعة، بما في ذلك: الصيد الجائر والاحتطاب الجائر والتعدي على المحميات وعلى التنوع الحيوي، والعبث بالممتلكات العامة ورمي النفايات والتلوث بأشكاله المادي والسمعي والبصري كتلوث الهواء بأدخنة المصانع والسيارات وتلوث المياه الجوفية ومياه البحار وتلوث التربة والمحاصيل والأطعمة والتدخين والشيشة في الأماكن العامة، وسرقة المياه والرمال والصخور والأراضي والشواطئ، إضافة لنشر الوعي البيئي لدى جميع شرائح المجتمع، وغير ذلك من مهمات متعددة ومتشعبة.
ولكن السؤال الذي ينبغي طرحه هو: هل نحن جاهزون لعمل هذه الشرطة؟ هل العمل والمنظور البيئي لدينا واضح المسار والمهمات والقوانين والجهات المرجعية تشريعياً وتنفيذياً؟ هل لدينا خطة بيئية إستراتيجية متوسطة وبعيدة المدى؟ وهل لدينا أهداف وتنسيق ومسؤوليات محددة وواضحة وصارمة في مجال العمل البيئي وملزمة للجميع من قطاعات حكومية وخاصة ومواطنين ومقيمين؟ وهل تلك الجهات والأفراد حالياً على وعي كافٍ بمفهوم البيئة ومكوناتها وخطورة التعدي عليها والقوانين المنظمة لها؟ وبالتالي معرفة ما يترتب على انتهاك تلك القوانين من عقوبات مغلظة وغير مغلظة!
إن بلادنا من أوائل الدول النامية التي أنشأت أجهزة وإدارات متخصصة للبيئة، وسنت العديد من القوانين لحمايتها، وبذلت الأموال من أجل تنميتها، وشاركت بفعالية في المؤتمرات والاتفاقيات الدولية الخاصة بها، ولكن الوضع البيئي لدينا يسير للأسف من سيئ إلى أسوأ حتى غدت بعض مدننا مهددة بتصنيفها ضمن الأكثر تلوثاً على مستوى العالم، وأصبحنا نشاهد ليل نهار من يعتدي على الممتلكات ويرمي النفايات دون رادع من حسيب أو رقيب، وكل ذلك بلا شك مرجعه لغياب المفهوم والعمل والميثاق والإستراتيجية البيئية الملزمة لكل الأطراف المذكورة سلفاً.
إن التسرع في إنشاء جهاز الشرطة البيئية أشبه ما يكون بوضع العربة أمام الحصان، وقد ينتج عنه عشوائية في التطبيق وفرض للغرامات دون وجود مبررات قانونية واضحة وكافية، ما قد يثير ردة فعل الشارع السعودي بشكل معاكس لما يتوقعه الكثيرون، ولنا في تجربة نظام ساهر خير مثال، فبالرغم من حسناته في تقليل الحوادث وفقد الأرواح وتخفيف الإصابات، وبالرغم من مرور سنوات على تطبيقه إلا إنه لا يزال يفتقد المهنية الفنية الكافية لإقناع المخالف باستحقاقه للمخالفة في كثير من الحالات، بل إنه عزز قناعة الكثيرين بأن تحصيل الأموال هو أحد أهدافه التي تكللت بالنجاح التام!
* أستاذ علم النبات المشارك في جامعة حائل
aaboamr2@yahoo.com
ومن المتوقع أن تهتم الشرطة البيئية بضبط المخالفين لسلامة وصحة البيئة ومراقبة ومعاقبة الأفعال التي تشكل انتهاكاً واضحاً لصحة وسلامة الإنسان والحيوان والنبات والطبيعة، بما في ذلك: الصيد الجائر والاحتطاب الجائر والتعدي على المحميات وعلى التنوع الحيوي، والعبث بالممتلكات العامة ورمي النفايات والتلوث بأشكاله المادي والسمعي والبصري كتلوث الهواء بأدخنة المصانع والسيارات وتلوث المياه الجوفية ومياه البحار وتلوث التربة والمحاصيل والأطعمة والتدخين والشيشة في الأماكن العامة، وسرقة المياه والرمال والصخور والأراضي والشواطئ، إضافة لنشر الوعي البيئي لدى جميع شرائح المجتمع، وغير ذلك من مهمات متعددة ومتشعبة.
ولكن السؤال الذي ينبغي طرحه هو: هل نحن جاهزون لعمل هذه الشرطة؟ هل العمل والمنظور البيئي لدينا واضح المسار والمهمات والقوانين والجهات المرجعية تشريعياً وتنفيذياً؟ هل لدينا خطة بيئية إستراتيجية متوسطة وبعيدة المدى؟ وهل لدينا أهداف وتنسيق ومسؤوليات محددة وواضحة وصارمة في مجال العمل البيئي وملزمة للجميع من قطاعات حكومية وخاصة ومواطنين ومقيمين؟ وهل تلك الجهات والأفراد حالياً على وعي كافٍ بمفهوم البيئة ومكوناتها وخطورة التعدي عليها والقوانين المنظمة لها؟ وبالتالي معرفة ما يترتب على انتهاك تلك القوانين من عقوبات مغلظة وغير مغلظة!
إن بلادنا من أوائل الدول النامية التي أنشأت أجهزة وإدارات متخصصة للبيئة، وسنت العديد من القوانين لحمايتها، وبذلت الأموال من أجل تنميتها، وشاركت بفعالية في المؤتمرات والاتفاقيات الدولية الخاصة بها، ولكن الوضع البيئي لدينا يسير للأسف من سيئ إلى أسوأ حتى غدت بعض مدننا مهددة بتصنيفها ضمن الأكثر تلوثاً على مستوى العالم، وأصبحنا نشاهد ليل نهار من يعتدي على الممتلكات ويرمي النفايات دون رادع من حسيب أو رقيب، وكل ذلك بلا شك مرجعه لغياب المفهوم والعمل والميثاق والإستراتيجية البيئية الملزمة لكل الأطراف المذكورة سلفاً.
إن التسرع في إنشاء جهاز الشرطة البيئية أشبه ما يكون بوضع العربة أمام الحصان، وقد ينتج عنه عشوائية في التطبيق وفرض للغرامات دون وجود مبررات قانونية واضحة وكافية، ما قد يثير ردة فعل الشارع السعودي بشكل معاكس لما يتوقعه الكثيرون، ولنا في تجربة نظام ساهر خير مثال، فبالرغم من حسناته في تقليل الحوادث وفقد الأرواح وتخفيف الإصابات، وبالرغم من مرور سنوات على تطبيقه إلا إنه لا يزال يفتقد المهنية الفنية الكافية لإقناع المخالف باستحقاقه للمخالفة في كثير من الحالات، بل إنه عزز قناعة الكثيرين بأن تحصيل الأموال هو أحد أهدافه التي تكللت بالنجاح التام!
* أستاذ علم النبات المشارك في جامعة حائل
aaboamr2@yahoo.com