-A +A
شروق سعد العبدان

ولأني أخاف الفقد، فأنا أجري كالحمقاء في مفترق الطرقات يذيبني الرحيل يأخذ من عمري الفراق، لا أحتمل الغياب وأعترف بأني لست بمخولة أن أخوضه، قبل أن تكون بين أنياب التأنيب وتقضمك الحسرات تمسك بهم إياك أن تؤجل حديث اليوم إلى الغد، فربما الأخير ليس متاحاً لك، لا تتهاون بالحياة، لا تعطها وقتا أكثر مما تستحق، فهي بين رمشة وضحاها ستنتهي وأنت لا تزال ترتب كلماتك، لا تعتقد أن الفقد هو الموت فقط !

الموت هو فقدان الفقد نفسه، أي أن تكون متجمدا لا تشعر بالقفز الذي يشعره الآخرون، لا يثنيك غياب ولا تبكيك قصائد، ولا تتمتم مع أغنية الفقد أن نمشي في طريق فارغ من المارة لا أحد يمسك بيدنا، يثرثر فوق رؤوسنا، يسرق من أيدينا الطعام ويهرب، حينما نفتقد الضحك والبكاء وكل هذه المشاعر، نعيش الفقد، عندما ندخل بيوتنا الفارغة من أي قرع لأحد الوالدين دون صوت المسبحة ورائحة القهوة بالزنجبيل نكون فارغين، وقتما ننام دون هدف وتشرق علينا الشمس بعيداً عن العالمين تتساوى الحياة يصبح للصمت ضجيج مزعج، عندما تأكل فوق طاولة مليئة بكراسي فارغة هنا نكون فارغين، عندما تقتني أغلى ما يمكن دون إطراء من أحدهم يبهجك بما قال وبما أقتنيت هكذا نحن فارغون، عندما ينام أحد المؤثرين في حياتك نوما طويلا لا تعرف ساعة نهوضه تشتاق للون عينيه، تتحدث معه بأشياء يحبها وأشياء كنت تفعلها لأجله وأنت تعلم أنه لن يرد حديثاً، هذا هو الفقد وهذا هو الفراغ الجامح، الذي يسلبنا اللذة رويداً رويدا وكأنه يسحب بساط الحياة من تحتنا حتى نقع أو نقف دون بساط أي بدون حياة الفقد.. أن نكون سوياً دون مشاعر أن نتحدث دون اعتراف أن نبكي دون صوت.

دائماً نعتقد أن الأوان فات لكنه لم يحدث نحن الذين تعودنا على التراجع لو أننا نقرر أن كل ما يجول بين هذا الضلع والضلع عليه أن يقال ماغصت جوارحنا، وجبرت خواطرنا وفرغت كل مشاعرنا المتكتلة التي طالما ترددنا في قولها، ثم إياك أن تعتقد أن كل فراق خيرة طالما هذا الفراق لمس شيئاً منك أبكاك أوجع ليلك وغاب معه نومك ذاب به قلبك هو ليس بخيرة لك كيف فعل بي كل هذا وهو خير لي ..!! دائماً أردد إن كان الفقدٌ خيرة مالشرٌ إذاً ؟



shro336@gmail.com