ضمن المبادرات التي طرحتها المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في إطلاق هويتها الجديدة مبادرة إصدار رخصة مدرب معتمد مخصصة للمدربين لتمكينهم من مزاولة التدريب على الدورات التطويرية المعتمدة، وهو مشروع صرح به مدير التدريب الأهلي قبل عام تقريبا، ومع أهمية هذا الأمر وحاجة المجتمع له، إلا أن الآلية التي يمكن من خلالها منح هذه الرخصة مازالت غامضة، ومعها أيضا سؤال هام مفاده، هل المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني قادرة ومهيأة على منح مثل هذه الرخص؟
تولت المؤسسة موضوع تراخيص معاهد التدريب الأهلية منذ سنوات، والحق أنها أبدعت في جوانب عدة، كبوابة التدريب الأهلي وتوثيق اعتمادات الشهادات إلكترونيا، وآليات اعتماد الدورات التدريبية رغم المآخذ على بعض جزئياتها، لكن الدخول في «رخصة مدرب معتمد»، ربما تتخطى إمكانات التدريب الأهلي في المؤسسة، وتحتاج إلى جهات أكاديمية عليا علميا وتدريبيا.
ورغم محاولة المؤسسة السيطرة على كل ما له علاقة بالتدريب ومنها «الدورات التطويرية»، إلا أن وجود جهات أخرى وربما أكثر احترافية علمية مثل عمادات التعليم المستمر في الجامعات أو الغرف التجارية أو إدارات التعليم جعل ميدانها فقط المعاهد الأهلية التي يصل عددها إلى أكثر من 900 معهد، حسب تقرير المؤسسة لعام 2017، حيث دربت المعاهد الأهلية 183.691 متدربا ومتدربة في 300 تخصص، منهم قرابة 101.791 في الدورات التطويرية فقط وهي الدورات القصيرة التي لاتقل عن يوم ولاتزيد على شهر، بمعنى أن عدد الحاصلين على دورات تدريبية سيكون أضعاف ما أعلنته المؤسسة، باعتبار مادربته الجامعات والتعليم والغرف التجارية وغيرها، وهذا يقودنا إلى سؤال آخر: هل الجهات التي تمارس التدريب بعيدا عن وصاية التدريب التقني ستقبل برخصة المدرب المعتمد؟ أم سيكون لها اعتماداتها الخاصة المختلفة عن المؤسسة؟ خاصة إذا علمنا أن عدد الجامعات 30 جامعة حكومية و11 جامعة أهلية، و28 غرفة تجارية ناهيك عن إدارات التربية والتعليم في المناطق، وكل جهة مما سبق لها ممارسة قوية ومتميزة في التدريب بذات المجالات التي تشرف عليها المؤسسة.
والتدريب الأهلي في المؤسسة بدأ مشرفا على معاهد الحاسب الآلي، باعتباره نشاطا تقنيا، ثم شيئا فشيئا قادته حاجة وتحولات التدريب في المعاهد الأهلية إلى الدورات التطويرية، ورغم نجاحه في تقنين اعتمادات الدورات وتوثيق ذلك في نظام تقني متطور، إلا أنه ربما طغى على الهدف الرئيس في النشاط (التقني) الذي أسند للمؤسسة الإشراف على المعاهد لأجله، وهنا أسأل: هل من الضرورة أن يكون اعتمادات الدورات التطويرية من التدريب التقني؟ ألا يمكن أن تقوم به جهة أخرى كمعهد الإدارة العامة مثلا؟ أو تعتمد البرامج بحسب الجهات التي تنتمي إليها (تجارية، إعلامية، ثقافية...إلخ)، فيكون تركيز المؤسسة على الأصل الذي أوكل إليها وهو الإشراف على المعاهد الأهلية وهي الترخيص ومراقبة دورات الحاسب الآلي، دون التوسع في مجال الدورات التطويرية.
وبخصوص رخصة المدرب المعتمد، أرى تتولاه جهة أخرى مثل المركز الوطني للقياس والتقويم، بوضع اختبارات تطبيقية عملية للمدربين، وتكون إجازته للمدربين ملزمة للجهات التي تمارس التدريب، خاصة وأن المركز لديه الملاءة المالية الكافية، وله ممارسات مشابهة، مثل اختبارات القدرات للمعلمين والطلاب، وأعضاؤه من مختلف الجامعات السعودية، والهدف أن يلتزم بتطبيق الرخصة في كافة الجهات التدريبية، وليس فقط على المعاهد الأهلية التي تشرف عليها المؤسسة، والتي أرى أن يقتصر دورها كما بدأت فيه على دورات الحاسب الآلي وما قد يستجد من دورات تقنية ومهنية.
* مدرب معتمد
tmt280@yahoo.com
تولت المؤسسة موضوع تراخيص معاهد التدريب الأهلية منذ سنوات، والحق أنها أبدعت في جوانب عدة، كبوابة التدريب الأهلي وتوثيق اعتمادات الشهادات إلكترونيا، وآليات اعتماد الدورات التدريبية رغم المآخذ على بعض جزئياتها، لكن الدخول في «رخصة مدرب معتمد»، ربما تتخطى إمكانات التدريب الأهلي في المؤسسة، وتحتاج إلى جهات أكاديمية عليا علميا وتدريبيا.
ورغم محاولة المؤسسة السيطرة على كل ما له علاقة بالتدريب ومنها «الدورات التطويرية»، إلا أن وجود جهات أخرى وربما أكثر احترافية علمية مثل عمادات التعليم المستمر في الجامعات أو الغرف التجارية أو إدارات التعليم جعل ميدانها فقط المعاهد الأهلية التي يصل عددها إلى أكثر من 900 معهد، حسب تقرير المؤسسة لعام 2017، حيث دربت المعاهد الأهلية 183.691 متدربا ومتدربة في 300 تخصص، منهم قرابة 101.791 في الدورات التطويرية فقط وهي الدورات القصيرة التي لاتقل عن يوم ولاتزيد على شهر، بمعنى أن عدد الحاصلين على دورات تدريبية سيكون أضعاف ما أعلنته المؤسسة، باعتبار مادربته الجامعات والتعليم والغرف التجارية وغيرها، وهذا يقودنا إلى سؤال آخر: هل الجهات التي تمارس التدريب بعيدا عن وصاية التدريب التقني ستقبل برخصة المدرب المعتمد؟ أم سيكون لها اعتماداتها الخاصة المختلفة عن المؤسسة؟ خاصة إذا علمنا أن عدد الجامعات 30 جامعة حكومية و11 جامعة أهلية، و28 غرفة تجارية ناهيك عن إدارات التربية والتعليم في المناطق، وكل جهة مما سبق لها ممارسة قوية ومتميزة في التدريب بذات المجالات التي تشرف عليها المؤسسة.
والتدريب الأهلي في المؤسسة بدأ مشرفا على معاهد الحاسب الآلي، باعتباره نشاطا تقنيا، ثم شيئا فشيئا قادته حاجة وتحولات التدريب في المعاهد الأهلية إلى الدورات التطويرية، ورغم نجاحه في تقنين اعتمادات الدورات وتوثيق ذلك في نظام تقني متطور، إلا أنه ربما طغى على الهدف الرئيس في النشاط (التقني) الذي أسند للمؤسسة الإشراف على المعاهد لأجله، وهنا أسأل: هل من الضرورة أن يكون اعتمادات الدورات التطويرية من التدريب التقني؟ ألا يمكن أن تقوم به جهة أخرى كمعهد الإدارة العامة مثلا؟ أو تعتمد البرامج بحسب الجهات التي تنتمي إليها (تجارية، إعلامية، ثقافية...إلخ)، فيكون تركيز المؤسسة على الأصل الذي أوكل إليها وهو الإشراف على المعاهد الأهلية وهي الترخيص ومراقبة دورات الحاسب الآلي، دون التوسع في مجال الدورات التطويرية.
وبخصوص رخصة المدرب المعتمد، أرى تتولاه جهة أخرى مثل المركز الوطني للقياس والتقويم، بوضع اختبارات تطبيقية عملية للمدربين، وتكون إجازته للمدربين ملزمة للجهات التي تمارس التدريب، خاصة وأن المركز لديه الملاءة المالية الكافية، وله ممارسات مشابهة، مثل اختبارات القدرات للمعلمين والطلاب، وأعضاؤه من مختلف الجامعات السعودية، والهدف أن يلتزم بتطبيق الرخصة في كافة الجهات التدريبية، وليس فقط على المعاهد الأهلية التي تشرف عليها المؤسسة، والتي أرى أن يقتصر دورها كما بدأت فيه على دورات الحاسب الآلي وما قد يستجد من دورات تقنية ومهنية.
* مدرب معتمد
tmt280@yahoo.com