-A +A
أحمد أبو عمرو الغامدي*
تداول السعوديون أخيرا، مصطلح السياحة البيئية Eco-Tourism إثر صدور الأمر الملكي القاضي بإنشاء مجلس للمحميات الملكية يشرف على 6 محميات طبيعية موزعة على امتداد رقعة الوطن الكبير، وورد أن أحد الأهداف الرئيسية من إنشائها هو تنشيط السياحة البيئية، ليستمتع المواطن والمقيم على أرض المملكة بالمقومات البيئية والطبيعية لتلك المحميات، والتي ستكون مفتوحة للجميع بلا حواجز ولا أسوار آخذة بعين الاعتبار مراعاة مصالح القرى والهجر وأملاك المواطنين داخل نطاق هذه المحميات، وكل هذا من شأنه أن يحقق التوازن المطلوب بين متطلبات التنمية الحضرية التي منها السياحة وبين استدامة المقومات الطبيعية في تلك المحميات.

وتشير بعض التقديرات إلى أن أكثر من 60% من عدد السائحين على مستوى العالم، هدفهم الرئيس هو الاستمتاع بجمال الطبيعة المتمثلة في الغابات والمحميات الفطرية بحيواناتها ونباتاتها والسواحل برمالها ومياهها وشعابها المرجانية واستكشاف آثار وثقافات ومنتجات الشعوب، وبلا شك فإن بلادنا بأرجائها الواسعة وبإنسانها وبمقدراتها الطبيعية والثقافية والتاريخية، قادرة على تحقيق مفهوم السياحة البيئية واستثماره بالشكل الأمثل لمواطنيها وللمقيمين عليها وللسائحين من خارجها وفق ما نص عليه الأمر الملكي الكريم في ثنايا قرار إنشاء المحميات الملكية التي ستشكل النواة الأولى والمنطلق لبرامج السياحة البيئية السعودية.


وتعد السياحة عموما أحد أهم الأنشطة التجارية والاستثمارية عالية الربحية وأصبحت صناعة رئيسية على النطاق العالمي، وتدرّ مداخيل هائلة تقدر بمئات المليارات من الدولارات سنوياً، والسياحة والبيئة قطاعان مهمان وكل منهما مكمل للآخر، فالبيئة السليمة هي المناخ الملائم لتحقيق التنمية السياحية المستدامة، والأنشطة السياحية من شأنها أن تجلب الأموال التي تستثمر في صيانة وتنمية المواقع الطبيعية، وبالتالي فإن السياحة البيئية تهدف لربط الاستثمار والمشاريع الإنتاجية للمجتمعات المحلية مع برامج حماية البيئة والتنوع الحيوي والثقافي للمناطق السياحية.

ومستقبل السياحة البيئية السعودية المستدامة يرتبط بتحقيق أمور عديدة منها: إعداد خطة إستراتيجية وطنية للسياحة البيئية تشترك فيها جميع الجهات ذات العلاقة، لترسم بوضوح نقاط القوة والضعف والتهديدات والفرص وفق تحليل SWOT المعروف، وبناء عليها يتم تحديد مقومات السياحة الواجب توافرها في المناطق الطبيعية بالتعاون بين القطاعين العام والخاص ومن ذلك البنية الأساسية من الطرق والمواصلات والاتصالات، والمرافق المختلفة كالفنادق والاستراحات والمطاعم، ومقومات الرياضات والمسابقات والأنشطة الترفيهية كالرياضات المائية وتسلق الجبال والتزلج على الرمال، وتنظيم الرحلات الصيفية والشتوية للمناطق الطبيعية والأثرية، إضافة لضرورة الأخذ بالحسبان دعم الأفراد والمجتمعات المحلية للمشاركة في كافة أنشطة السياحة البيئية ومن ذلك توفير الوظائف لهم في الإرشاد السياحي أو الصناعات الحرفية وتشجيعهم على إقامة مشاريعهم الخاصة التي توفر احتياجات السائح من المنتوجات المحلية النسيجية أو الفخارية أو الخشبية أو الوجبات الشعبية الخفيفة وغيرها، مع ضرورة وضع الضوابط والقوانين الرادعة والبرامج والتقنيات اللازمة التي تكفل عدم تعرض تلك المناطق الطبيعية للتدهور نتيجة لأنشطة السياحة البيئية.

* أستاذ علم النبات في جامعة حائل

aaboamr2@yahoo.com