-A +A
أحمد الزهراني ahlan44@gmail.com
عام جديد حل على الأبواب، وعام شمسه على عتبات الغياب، نرى في الذاهب ذكريات الأمس، وفي القادم آمال الغد.

نقلب صفحات الذكريات في العام الماضي فنرى صورا من أيامه وساعاته ودقائقه عشنا فيها بين أفراحنا تارة وأتراحنا تارة أخرى.


ففي صورة من صوره نشاهد أنفسنا بين لمة أحبابنا، ونحن نتبادل التهاني بفرح قريب، وفي منظر آخر نشاهد أنفسنا ونحن نواسي بعضنا بعضا بفقدان قريب آخر، ثم نعود مسرعين لنركب عجلة أيامنا وقد نسينا بعضنا بعضا.

وفي صورة أخرى نزور أحبابنا على استحياء، ولا نرى أقاربنا إلا في فرح أو عزاء. وربما اكتفينا برسالة للتهنئة أو للتعزية نسخناها من إحدى تطبيقات التواصل قد كتبها شخص آخر فذيلناها بأسمائنا، حتى أننا لم نتكلف كتابتها وكأننا استعرنا المشاعر من الآخرين فأصبحت مزيفة.

في عامنا الماضي كنا نتواصل على خجل، ونتقابل على عجل، والأيام تركض بنا كفارس انطلق به جواده في ميدان السباق لا يلتفت لمن خلفه من الجياد.

وسرعان ما انتهت الجولة التي لم يربحها الفارس، مؤملا نفسه بكسب الجولة الأخرى على ظهر جواد آخر.

عندما نتطلع للعام القادم نؤمل أنفسنا بحُسْن التواصل، فنقطع على أنفسنا الوعود بأن نمحو كل أخطائنا التي كانت في عامنا الماضي، وأن نسلك طرقا أخرى تجعل عامنا القادم أفضل وأجمل من سابقه.

وماهي إلا البداية فقط وإذا بنا نتراجع رويدا رويدا، في سباقنا فنعود إلى ما كنا عليه من تنافر وانشغال، في زحمة الحياة لنكتشف أن وعودنا وآمالنا قد ذهبت أدراج الرياح.

هذه بعض الصور التي جاءت كبرق خاطف مر على أبصارنا وعقولنا ثم ما لبثنا أن عدنا لما كنا عليه، فمتى نصدق مع أنفسنا ونتيقن أن العمر ما هو إلا تلك الدقائق السعيدة التي نقضيها مع من نحب نتواصل معهم بقلوبنا ومشاعرنا وأجسادنا - قبل أن يذهب قطار العمر بلا عودة - ونتشارك معهم أدق تفاصيل الحياة، بعيدا عن زيف التقنية الحديثة وبعيدا عن مشاغل الحياة التي لا تنتهي.