-A +A
ملاك العجيلي M0o0k7@
لا يختلف اثنان في أن لكل ذات إبداعية مسارها الفطري الذي لا تستطيع أن تبدع إلا بداخله، وأن محاولة تحريف هذه الذات عن مسارها تعد عملية تقسيم سلبية لها تؤدي بها إلى حالة متعددة لأنا واحدة.

ولعل ما قالته الروائية مها حسين يؤكد ما أرمي اليه في مقالي ويوضح أهمية تحديد المسار أو الخط الإبداعي للكاتب، عندما قالت إن الهوية تنبع من العمق كإحساس بالأنا وهي حالة فردية جداً؛ لهذا هويتي روائية، فهذا أكثر ما يناسبني ويتفق مع إحساسي بي وبكينونتي.


وعندما قرأت ذلك المنشور للروائي عبده خال على صفحته في الفيسبوك بعنوان «كله بتاع كله» الذي كان يقصد فيه الأشخاص المتحولين من جنس أدبي لآخر بلا غاية، وبالأحرى في الجزء الذي ذكر فيه «اليوم يمر بنا شخص واحد هو شاعر وروائي وناقد وأكاديمي وتشكيلي وفوتوغرافي ولاعب ضومنة ولاعب بالبيضة... لنسخر كيفما نحب من غير ذكر أسماء».

حينها تجلت أمامي أسماء بعض الكتّاب ممن يكتبون تباعاً لما طغى على الساحة الأدبية من فن لا لما تنتمي إليه هويتهم ولا لكونهم بارعين كالمعري والعقاد وغازي القصيبي وأدهم الشرقاوي وغيرهم، ممن هم حالات استثنائية من الذوات الإبداعية المميزة بمقدرتها على التكيف مع أي جنس أدبي، إنما يكتب الفرد منهم مع ما مالت به الريح، فتجده بدأ مسيرته كاتب نصوص وله العديد من الأمسيات، ثم ما إن هبت رياح الرواية حتى أصبح روائياً، وهكذا يتبع الريح فتارة قاص وأخرى شاعر، وربما تجده قد نصب نفسه في أوقات الفراغ ناقداً.

والمؤسف المبكي أن تجد بعضهم قد أضاع سنوات عمره ووصل إلى مشارف سن الرشاد وربما تعداه ووصل للخمسين وهو ما زال مشتتاً لم يفد ولم يستفد من كل تلك المحاولات السابقة ليقدم ما يمكن أن يحسب له كبصمة في عالم الأدب، إضافة إلى أنه لم يعرف هويته ومساره التعبيري الخاص، إنما أهدر طاقته الإبداعية في تجريب ومجاراة الرائج بحثاً عن الشهرة التي ستؤول به في نهاية الأمر إلى أن يوضع على هامش الكتّاب كما قال الدكتور سلطان القحطاني أستاذ الأدب الحديث عندما أجاب على من سأله بشأنهم بأن الكاتب الذي لا يُعرف بجنس أدبي معين وأسلوب إبداعي خاص به في هذا الجنس سيفقد القارئ المثقف ثقته به وسيطويه النسيان عاجلاً أم آجلاً، فكيف إن كان إضافة إلى ذلك تاجر ما يطلبه القراء السذج.

وفي الختام أتساءل متى سيفهم هؤلاء النفاجون أن الانتقال من جنس أدبي لآخر تبعاً لما يطلبه السوق أو ما كتب به الجميع؛ لا يعني إلا أنه بلا هوية ومتخبط وهائم ولا ينظر إليه المثقفون إلا على أنه «بتاع كله» أو صاحب السبع صنايع.