-A +A
المهندس عبدالرحمن العمران abdulrahmanomr1@
تنزعج بعض الجهات - وحق لها أن تنزعج- عند ظهور بعض المعلومات المغلوطة التي لا تستند إلى مصادر رسمية ومؤكدة، وتطالب في الوقت ذاته، بأهمية استقاء المعلومات من مصادرها، وكل ذلك كلام جميل ونتفق عليه جميعا، إذا افترضنا توافر المكاشفة والشفافية في التعاطي مع وسائل الإعلام بأشكالها ومشاربها المختلفة، وبالتالي مع الجمهور.

على أرض الواقع، دور المتحدث الإعلامي لدينا في الغالب لا يزال غير واضح في الكثير من الجهات والمؤسسات، وتجارب بعضها تشوبه العديد من الجوانب السلبية التي من أهمها التحفظ المبالغ في حجب المعلومات عن وسائل الإعلام، كذلك الردود التي تأتي مغلفة بلغة الدفاع عن الجهة وممزوجة بعبارات التسويف والوعود. وما يزيد «الطين بلّة» هي الأوقات التي تسمع فيها المتحدث الإعلامي لجهة ما، وهو يستميت في الدفاع «الممجوج» عن الجهة التي يمثلها، والأصرار أحيانا على محاولات استغفال الجمهور.


في مثل هذه المواقف، تتسارع إلى ذاكرتي الرواية المشهورة التي تدور أحداثها أنه كان لدى عائلة والد مريض يحتاج إلى عملية جراحية، وأثناء العملية اجتمع أهله عند باب غرفة العمليات في انتظار الأخبار السارة، وفعلا بعد ساعة خرج الجراح من غرفة العمليات وهو مبتسم: أبشركم أن العملية كانت ناجحة وشكروا الطبيب على جهده وبراعته، ثم استفسروا من الطبيب متى يمكن رؤية المريض؟ أجاب: لكن مريضكم مات.. يا دكتور: كيف تقول العملية كانت ناجحة بينما المريض مات؟ قال: العملية بالفعل كانت ناجحة وعملنا كل شيء بطريقة صحيحة، لكن وفاته ليست بيدي، لكن اطمئنكم كانت العملية ناجحة بحمد الله.

الكثير من المتحدثين الإعلاميين في أوقات الشدة يستميتون في إخراج الجهة التي يمثلونها من دائرة الاتهام والتقصير من منطلق نجحت العملية والمريض مات: الوزارة عملت ما عليّها!. نحن عملنا ما علينا والعملية ناجحة ولكنّ المريض مات!

في مجمل الأمر على الناطق الإعلامي أن يكون متواصلاً مع المجتمع، واضحاً في مفهومه، وناقلًا مميزاً لما يُراد أن ينقله، من دون أن يبقى «فقط» صوتاً مدافعاً عن الجهة التي ينتمي لها. كما أنه على الجهات التي يمثلها المتحدث الإعلامي أن تمنحه صلاحيات الرد على وسائل الإعلام وعدم التقيد بانتظار الإذن من المسؤول، لا سيما في التعامل مع الأزمات. وإن نحن طبقنا ذلك نكون قد قطعنا دابر الشائعات والأخبار المزيفة وتمكن المتحدث الإعلامي أن يقول «اطمئنكم العملية بحمد الله كانت ناجحة.. والمريض حي يرزق».