قرشي
قرشي
-A +A
سميرة القرشي samira_al_q@
يجب أن تتغير الصورة النمطية لدينا عن الصين بأنها أكبر مصنع للبضائع المقلدة رخيصة الثمن، لأنها خرجت من مرحلة التصنيع البسيط إلى دولة التطور والنمو المتسارع، الصين دخلت في سباق محموم مع عجلة التطور والتكنولوجيا، واعتمدت على ابتكار منتجات جديدة وأخذ زمام المبادرة العسكرية، الجيش الصيني ربما تفوق على نظيره الأمريكي في بعض نقاط القوة العسكرية، فبعد أن تمتعت الصين بمستويات غير مسبوقة من النمو والازدهار الاقتصادي، وصلت إلى نقطة تقاطع حاسمة في تطور اقتصادها، ومجتمعها وأمنها القومي، وفي علاقاتها الدولية، وتكمن «القوة الناعمة» للصين في تعاملاتها الخارجية التي تنمو يوما بعد آخر. وعلاقة المملكة بالصين مهمة تقوم على تبادل المصالح، فبلادنا أكبر مستورد للبضائع الصينية، وأرض خصبة للمستثمرين الصينيين، ونسبة كبيرة من زوار الصين السعوديين هم من التجار والمشتغلين بالاستيراد والتصدير. أما سياسياً فهناك تقارب كبير بين سياسة المملكة والصين وأهم نقطة يتقارب عندها البلدان في أن الصين لا تقحم نفسها في الأمور الداخلية لأي دولة، وعبر عقود من الزمن لم تدخر الصين وسعاً في أن تبني صورتها الإيجابية في الساحة الدولية عموما ودول الخليج خصوصا. فالصين دائماً وأبداً تقدم نفسها على أنها واحدة من الدول النامية رغم قوتها، وتطرح التعاون مع الدول على أن بينهم مصالح مشتركة وليس تعاوناً بين دولة كبرى ودول أصغر، وتؤكد على مبدأ الشراكة المنفعية لكلا البلدين، والاحترام المتبادل في العلاقات وليس من مبدأ الهيمنة والغطرسة والاستغلال وتحييد الاعتبارات السياسية. الصين لا تبحث عن تابعين لها، بقدر ما تريد أن تكسب شركاء حقيقيين، فهي غير معنية ولا مهتمة بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهذا هو نفس فكر ونهج سياسة المملكة التي دائماً تسعى لتتحقق المنافع المتبادلة لها وللآخرين، المملكة التي تحاول أن تبني تعاونها مع الدول ليس على طبيعة نظمهم السياسية، وإنما على مبدأ الاحترام المتبادل والشركات المنفعية.

أعتقد من وجهة نظري أن تلك من أهم الأسباب التي دفعت قيادتنا الرشيدة للتعاون والتقارب مع الصين، ومن حسن الحظ أن العلاقات السعودية الصينية توفَّر لها من المقومات ما يساعد على إنجاح هذا العلاقة، ورأينا أن هذه البداية قد ارتبطت بسعي الصين لتقدير دور المملكة واحترام مكانتها الدولية وتحديداً الإسلامية.


ولم تبخل الصين على الدول العربية بدعمها في قضاياها، وقضية فلسطين على رأسها، بينما أقامت المملكة علاقات دبلوماسية معها إلى أن استعادت مقعدها في الأمم المتحدة، إضافةً الى العلاقات الاقتصادية التي أخذت في النمو الكبير والسريع. والمتابع لجولات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يشعر بفخر واعتزاز بأن سياستنا الخارجية تثبت لنا وللعالم يوما بعد آخر أن السعودية قادمة بخطى ثابته وراسخة، لتوجه رسالة للعالم أجمع بأنها دولة كبرى ذات هيمنة وسيادة.