أستيقظ نشطة شغوفة مع هدوء الفجر وصوت المآذن، وبداخلي سعادة لا توصف، أنتظر بزوغ الفجر والاستعداد للذهاب إلى مدرستي التي لها نصيب من سعادتي، أودع أمي بقبلة على جبينها وأخرج مسرعة للمدرسة، كنت يومها في الصف السادس الابتدائي وكان عمري اثنتي عشرة سنة، ومصروفي المدرسي لا يزيد على خمسة ريالات، وبالرغم من ولعي الشديد بكل أنواع الشكولاتة، التي كان لها النصيب الأكبر من مصروفي، إلا أنني قررت أن أوفر طيلة أيام الأسبوع بعضاً منها لكي أحصل على ما أريد نهاية كل أسبوع!
ينتهي يومي وقد استطعت أن أوفر ريالاً واحداً هذا اليوم وغداً سيكون يوماً مفتوحاً ولن أوفر لأنني في نهاية الأسبوع لا أحتاج إلا ثلاثة ريالات فقط، وكم كان توفيرها صعباً أمام ملذات المقصف المدرسي وطفولتي المشاغبة، وتستمر أيام الأسبوع كأول يوم لا يتغير شيء إلا إحساس شغفي المتزايد ولهفتي التي لا تهدأ كي ينتهي الأسبوع في أسرع وقت وأنا أنتظر يوم الخميس الذي يقبل علينا وكأنه عروس تزينت وأبدعت، وتمشي بخطى هادئة يعلوها الكبرياء والغرور ونحن بلهفة الانتظار لرؤيتها.
ها أنا استطعت توفير المبلغ المراد من مصروفي، وجاء يوم الخميس الذي برغم سعادتي به، إلا إن مساءه طويل جداً، أشرقت شمس الجمعة كم أنا سعيدة اليوم، سأراها وأمسكها وأقلبها بين يدي وأقرأ تفاصيلها اليوم فقط سيكون كل يومي لها، ولن يأخذها أحد مني، ولن أفارقها دقيقة واحدة، يكفي انتظار أسبوع كامل بين لهفة وشوق وانتظار وحنين، وتمضي الساعات ويقترب موعد صلاة الجمعة، وأبي وأخي يستعدان للذهاب إلى المسجد الكبير في قريتنا، أسرعت إلى حقيبتي وأخرجت حصالتي التي لا يوجد بها سوى ثلاثة ريالات، أعطيت أخي وهمست في أذنه غايتي منها، ذهبا وهي جلستي أمام عقارب الساعة وأترقب عودتهما على عجل، وبعد نحو ساعة سمعت جرس الباب، عاد أبي وأخي ومعهما مرادي، تقافزت بين صراخ وضحكات، وأسرعت نحو الباب وابتسامتي ونظرات الفرح تفضح استيقاظي المبكر وعدم النوم حتى منتصف الظهيرة كعادتي كل يوم، فبيني وبين النوم قصة عشق لا تنتهي، فتحت الباب ونظرت إليها يا لروعتها ويا لجمالها ويا لحبي وهيامي بها، أخذتها وحضنتها وأنا في قمة سعادتي، وذهبت بعيداً أنظر إليها وكأننا عشيقان التقيا بعد طول انتظار، ولكن في الحقيقة هي كذلك عشيقتي الأولى وملهمتي وأول من وقع غرامي بها إنها «صحيفة عكاظ»، التي وضعت بداخلي ثمار حب القراءة والكتابة، فكنت أوفر من مصروفي لكي أقتنيها هي والمرفق بداخلها مجلة «رؤى»، تهتم بشؤون المرأة وكانت تصدر أسبوعياً، لذلك كنت أنتظرها كل يوم جمعة، كذلك كنت مهتمة جداً بقراءة زاوية إحدى كاتباتها ومن تعمقي وتقمصي لدور الكاتبة بها كنت أكتب ما يجول بداخلي في أحد دفاتري وأضع نهاية الأسطر اسمي مرفقاً بلقب الأديبة والكاتبة، ومن ثم توقيعي، وها أنا اليوم أحقق حلم الطفولة وسنوات العمر الذي مضت من عمر اثني عشر عاماً حتى الثلاثين، أصبحت أكتب في صحيفتي الأولى وبكل حب وسعادة.
ينتهي يومي وقد استطعت أن أوفر ريالاً واحداً هذا اليوم وغداً سيكون يوماً مفتوحاً ولن أوفر لأنني في نهاية الأسبوع لا أحتاج إلا ثلاثة ريالات فقط، وكم كان توفيرها صعباً أمام ملذات المقصف المدرسي وطفولتي المشاغبة، وتستمر أيام الأسبوع كأول يوم لا يتغير شيء إلا إحساس شغفي المتزايد ولهفتي التي لا تهدأ كي ينتهي الأسبوع في أسرع وقت وأنا أنتظر يوم الخميس الذي يقبل علينا وكأنه عروس تزينت وأبدعت، وتمشي بخطى هادئة يعلوها الكبرياء والغرور ونحن بلهفة الانتظار لرؤيتها.
ها أنا استطعت توفير المبلغ المراد من مصروفي، وجاء يوم الخميس الذي برغم سعادتي به، إلا إن مساءه طويل جداً، أشرقت شمس الجمعة كم أنا سعيدة اليوم، سأراها وأمسكها وأقلبها بين يدي وأقرأ تفاصيلها اليوم فقط سيكون كل يومي لها، ولن يأخذها أحد مني، ولن أفارقها دقيقة واحدة، يكفي انتظار أسبوع كامل بين لهفة وشوق وانتظار وحنين، وتمضي الساعات ويقترب موعد صلاة الجمعة، وأبي وأخي يستعدان للذهاب إلى المسجد الكبير في قريتنا، أسرعت إلى حقيبتي وأخرجت حصالتي التي لا يوجد بها سوى ثلاثة ريالات، أعطيت أخي وهمست في أذنه غايتي منها، ذهبا وهي جلستي أمام عقارب الساعة وأترقب عودتهما على عجل، وبعد نحو ساعة سمعت جرس الباب، عاد أبي وأخي ومعهما مرادي، تقافزت بين صراخ وضحكات، وأسرعت نحو الباب وابتسامتي ونظرات الفرح تفضح استيقاظي المبكر وعدم النوم حتى منتصف الظهيرة كعادتي كل يوم، فبيني وبين النوم قصة عشق لا تنتهي، فتحت الباب ونظرت إليها يا لروعتها ويا لجمالها ويا لحبي وهيامي بها، أخذتها وحضنتها وأنا في قمة سعادتي، وذهبت بعيداً أنظر إليها وكأننا عشيقان التقيا بعد طول انتظار، ولكن في الحقيقة هي كذلك عشيقتي الأولى وملهمتي وأول من وقع غرامي بها إنها «صحيفة عكاظ»، التي وضعت بداخلي ثمار حب القراءة والكتابة، فكنت أوفر من مصروفي لكي أقتنيها هي والمرفق بداخلها مجلة «رؤى»، تهتم بشؤون المرأة وكانت تصدر أسبوعياً، لذلك كنت أنتظرها كل يوم جمعة، كذلك كنت مهتمة جداً بقراءة زاوية إحدى كاتباتها ومن تعمقي وتقمصي لدور الكاتبة بها كنت أكتب ما يجول بداخلي في أحد دفاتري وأضع نهاية الأسطر اسمي مرفقاً بلقب الأديبة والكاتبة، ومن ثم توقيعي، وها أنا اليوم أحقق حلم الطفولة وسنوات العمر الذي مضت من عمر اثني عشر عاماً حتى الثلاثين، أصبحت أكتب في صحيفتي الأولى وبكل حب وسعادة.