الإرهاب لا دين له ولا مذهب، ولا نعرف عنه سوى أنه ضد الإنسانية والفطر السليمة، لا يعتنقه إلا من تجرد من عقله، وانحدر إلى مستوى أقل من الحيوان، فكثير من الكائنات ترفض إلحاق الأذى بالآخرين، بينما الإرهابي لا يتورع أن يبيد أمه، غير آبه بالتداعيات التي يلحقها بذوي أولئك الضحايا ومجتمعاتهم، وما إن أفقنا من المجزرة التي نفذها إرهابي أسترالي على مسجدين في مدينة كرايس تشيرش النيوزيلندية منتصف مارس الماضي، وأودت بحياة 50 شخصا، حتى اصطدمنا يوم الأحد الماضي بسلسلة تفجيرات انتحارية في العاصمة السيرلانكية كولومبو أودت بحياة 360 شخصا والعدد للأسف قابل للزيادة، نتألم على مقتل أي نفس دون أدنى حق، لكن ما آلمني أكثر هو رحيل اثنين من أبناء الوطن وهما من منسوبي الخطوط السعودية الزميلان أحمد زين الجعفري وهاني ماجد عثمان، نسأل الله أن يغفر لهما ويتقبلهما في فسيح جناته، ويلهمنا وذويهما الصبر، واستقبلنا نحن منسوبي الخطوط السعودية مسؤولين وإداريين وموظفين جثماني الفقيدين أمس (الخميس) في صالة العمليات والخدمة الجوية في المطار، اجتمعنا في تلك القاعة حتى نواسي بعضنا البعض بالفاجعة التي حلت، ولا نملك إلا أن نؤمن بالقضاء والقدر وندعو لهما بالرحمة والمغفرة ويصبر ذويهما وأبناءهما، ونتساءل عن الفوائد التي جناها أولئك الإرهابيون في سيرلانكا ونيوزيلندا من إزهاق أرواح بريئة، لم تقترف أي ذنب، ونؤكدعلى أهمية تعاون الشعوب وتظافرها لتطويق ظاهرة الإرهاب التي لا تنتمي لأي دين أو مذهب، بل لأفراد وجماعات تجردت من الإنسانية والقيم والأعراف والفطرة السليمة.