كان لي شرف زيارة مهرجان الأطاولة التراثي الخامس في قرية الأطاولة الأثرية بزهران في منطقة الباحة، وركزت المناسبة على إحياء التراث في القرية القديمة ومحاكاة ما كان عليه حياة الآباء والأجداد واجتمع أبناء القرية في البداية على ترميم القرية التراثية وإعادتها لما كانت عليه في السابق وزراعة الأراضي المحيطة بها ونظافتها وإنارة ممراتها وبناء ما تهدم من جدرانها، وإعداد مكان للزوار والمرتادين ليسهل الوصول إليها، واختير بيت فسيح وكبير وسهل الوصول إليه ليكون المتحف الذي يضم العديد من المقتنيات الأثرية بالقرية ثم قاموا بصيانة البئر والمجرى ليسهل استخراج الماء بواسطة الدواب وصيانة الساقية، وكيف يتم ري المدرجات الزراعية، وكيف تتم حمايتها من الطيور وحصادها وتجفيف المحاصيل الزراعية وإعداد مكان للدياس والذري ولطحن الحبوب والمحاصيل الزراعية، وكيفية استخدامها في عمل الأطعمة لهم، وأعد مكان لإقامة العرضة للتعبير عن الفرح وعمل عديد من الجلسات للزوار للاستمتاع بالعرضة بعد التجول في أرجاء القرية التراثية والجلوس وتناول القهوة العربية، وأعد مكان للبنائين الذين يشيدون البيوت بنفس الطريقة التي كانت عليها سابقاً في القرية قديماً، وجرى تجهيز مكان للنساء يقمن فيه الاحتفالات النسائية بنفس ما كانت عليه سابقا وبإشراف وتنظيم من نساء القرية، وعند وصولي إلى المكان الزاخر بعبق التاريخ انتابني شعور بالسعادة لما كنت أراه في محاكاة هذا الماضي الجميل، وكنت أرى السعادة في وجوه الزائرين من مختلف الشرائح والأعمار، وكأن الناس أصبحوا أسرة واحدة ومشتركين في تراث واحد يجمعهم حب الماضي والحنين إليه، وكيف استطاع أبناء قرية الأطاولة أن يلفتوا انتباه الزوار والمصطافين لقريتهم وأن يجعلوها مزارا سياحيا يفتخرون به مع تواضع الإمكانات والموارد، وكان لها قصب السبق بين القرى الأخرى بأن جعلوا منها متحفا واقعيا يحاكي الحياة القديمة، ويناشد أهالي قرية الأطاولة المسؤولين بإنشاء كلية للآثار للحفاظ على الكثير من القرى الأثرية في المنطقة وأن يجعلوا منها مزارا ومصدر فخر ورزق لأبنائنا وأحفادنا.