طلب مني بعض الأصدقاء أن أكتب عن معاناة أبناء لهم ولدوا في هذا البلد الطاهر وترعرعوا في كنفه ودرسوا في مدارسه، فهم يكنون لهذا البلد المعطاء كل تقدير واحترام، وتأقلموا مع مواطنيه، ولا صلة لهم إطلاقاً بأوطانهم التي يحملون جنسيتها، حيث لم يكونوا كبقية الوافدين الذين بإمكانهم ترحيل أسرهم إلى بلدانهم الأصلية، فهم لا يعرفون أي شيء يجعل انتماءهم لأوطانهم أكثر من انتمائهم للسعودية، وذكر لي صديقي أن ابناً له مولوداً في المملكة العربية السعودية ودرس جميع مراحل التعليم العام حتى أنهى دراسته الثانوية بنجاح وتفوق، وانخرط في العمل في إحدى الشركات الوطنية، وكان يبذل جهدا كبيرا في إرضاء رؤسائه إلا أنه فوجئ بإنهاء خدماته، واضطر هذا الابن لمغادرة المملكة لبلد أوروبي، وبذلك ابتعد عن والديه وإخوته وأقاربه. وأشارت بعض الأرقام إلى أنّ المواليد المقيمين في البلد يصلون إلى 2.000.000 شخص، وبعضهم يشكل الجيل الثالث والرابع من أسرة لا تعرف بلاداً غير هذه البلاد، وهؤلاء لو منحوا الإقامة الدائمة وتخلصوا من الكفيل فسيعطون أكثر في عملهم، وهم أجدى اقتصادياً للوطن؛ لأنّهم ينفقون ما يجنونه داخلياً عكس الوافد الذي يحول معظم دخله للخارج، فالمواليد في هذا البلد الطاهر عاشوا سنين طويلة بيننا، فاكتسبوا عاداتنا وانسجموا في مجتمعنا وأصبحوا جزءا منه، واقتصادياً هم ينفقون أموالهم في داخل البلد ولا يحولون أموالاً طائلة للخارج مثل الوافد الذي أتى بحثاً عن جمع مبلغ معين والعودة إلى وطنه. وقد صدر قرار مجلس الوزراء الموقر في ١٤ مايو، نظام الإقامة المميزة، الذي يمنح فيه المستفيد العديد من المزايا، وهذا النظام فيه بعض الشروط التي يصعب على المواليد توافرها وخاصة الملاءة المالية، لذا نلتمس من أصحاب القرار استثناء المواليد من شرط الملاءة المالية، مع توافر الشروط الأخرى لاكتساب الإقامة المميزة، وبذلك يستطيع الكثير من أبناء المقيمين الذين ولدوا في هذا البلد الأمين البقاء مع والديهم وذويهم، لجمع شمل الأسرة، واكتساب رضا والديهم.