-A +A
د. فیصل الحازمي*
يعود إنشاء المجالس البلدية والمحلیة إلى تاريخ الدخول المظفر للمؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن (طیب الله ثراه) مكة المكرمة عام (1343هــ) وصدور أمره الكريم بتكوين المجلس الأهلي لمساعدته في إدارة شؤون العاصمة المقدسة، ثم اتسع نطاق ولاية المجلس لتشمل كامل المنطقة الحجازية إضافة إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة وينبع والطائف، وهو النواة الأولى للمجالس بالمملكة. وتأسيسا على ذلك فقد شكلت مجالس متعددة من بينها المجلسان المحلي والبلدي.

أما المجلس المحلي فيتم إنشاؤه بكل محافظة ويعمل كرافد لمجلس المنطقة في دراسة واقتراح احتیاجات المحافظة والمراكز التابعة لها من المشاريع واقتراح الأولويات ومتابعة التنفیذ. أما المجلس البلدي فهو ذو شخصیة اعتبارية يملك سلطة التقرير والمراقبة وفقا لأحكام النظام وحدود اختصاص البلدية المكاني. ويقرر الخطط والبرامج البلدية ذات الصلة بتنفیذ المشروعات البلدية المعتمدة في المیزانیة، ومشروعات التشغیل والصیانة، والمشروعات التطويرية والاستثمارية وإقرار میزانیة البلدية وحسابها الختامي.


من خلال استعراض نظام المجلسین وآلیات عملهما ومتطلبات تفعیل دورهما يتضح أن تحقيق المراد من تكوينهما بالكفاءة والأهداف المتوخاة، يكون بتكاملهما وتناغم الأدوار بینهما، من خلال المواءمة بین المجلسین، بحیث يكون هناك تجانس وائتلاف وتناسق بین دوريهما خصوصا في المجال التخطیطي أو التنفیذي أو الرقابي أو التوعوي أو غير ذلك من المهام. ويعود ذلك لأسباب عدة في مقدمتها وجود تداخل وازدواجية بالمهام في ما يخص الخدمات البلدية والمرافق وغيرها سواء في مجال التخطيط والاعتماد أو الإشراف على عملية التنفيذ والمتابعة والرقابة وفقا لما خوله النظام لكل مجلس من صلاحيات. كذلك تعزيز صلاحيات المجلسين من أجل ممارسة المهام بكفاءة عالية في كافة المراحل، من خلال ائتلاف المجلسين في مواءمة حقيقية لاستفادة كل مجلس من إمكانيات المجلس الآخر. أيضا إمكانية استفادة المجلس البلدي من ميزة تمثيل كل الإدارات في المجلس المحلي التي لها تمثيل في مجلس المنطقة، ومساعدة المجلس المحلي للمجلس البلدي في تحقيق رؤيته التنموية من خلل تبنيها والرفع بها إلى مجلس المنطقة. ونتيجة للنقل الحديث لبعض مهام وزارة الشؤون البلدية والقروية لوزارات أخرى ولتأثر الخدمات البلدية، فإن في المواءمة حلا لتحقيق التكامل الفاعل بين تلك الخدمات وغيرها. ومن الأسباب التي تستدعي تحقيق المواءمة بين المجلسين توحيد الأعمال والجهود الإدارية والفنية في استقطاب المشاريع وتنفيذها، وتقديم منتج تنموي موحد ناجع بالمحافظ، وكذلك توفير البيئة الإدارية والتنظيمية المؤهلة لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة والمتوازنة، والإسهام في توحيد الرؤى والخطط لتحقيق أهداف الرؤية الوطنية المباركة 2030. ولتطبیق المواءمة بين المجلسین البلدي والمحلي فوائد كثیرة متوقعة، أهمها تلافي كل السلبيات، وخفض التكاليف من خلال اختصار الإجراءات وتبادل النفع بينهما، وكذلك رفع مستوى الأداء نتيجة للتنسيق وتفعيل عملية المتابعة والرقابة ودخول كل الوحدات التنظيمية في فريق عمل واحد، إضافة إلى تلافي الاختلاف بحكم ازدواجية الاختصاص بين كل المكونات التنظيمية.

أخيرا تجدر الإشارة إلى وجود تجربة ناجحة في عمل مواءمة بین المجلسین بمحافظة خلیص كان أبرز مظاهرها عقد اجتماعات دورية بین أعضاء المجلسین، وتبادل الخبرات والمعلومات والخطط وغیر ذلك في المشاريع التنموية، والسعي إلى تبني أطر تنموية مشتركة بما لا يخل بمبدأ الاستقلال والتقید بالأنظمة والتعلیمات لكل مجلس، وكذلك إبراز هذه المواءمة وتوضیح فوائدها لأهالي المحافظة بشكل مشترك بما لا يخالف الأنظمة والتعلیمات ذات العلاقة.

* محافظ خلیص