سعيد آل محفوظ
سعيد آل محفوظ
-A +A
سعيد آل محفوظ SaeedAlmahfouz@
جمال في الصنع، وحسن في المظهر، وحبكة في التفاصيل، تنساب بين يدي المتأمل روعة المنظر، إنه الابداع في صنع الحجر، والتفرد في خلق البشر، والروعة في جريان النهر والبحر.. كيف تتقن وصف هذا الجمال وأنت جزء منه؟ وكيف تستلهم المفردات والجمل، وتعصر الفكر والقلم، لتبرز ملامح الابهار في الجودة والاتقان، وأنت جزء منه؟

إن نظرت إلى السماء حار الفكر من جمال الشكل، وتنسيق الحركة، وحسن المظهر؛ فالشمس تجري وتضيء لك القمر، والنجم يعكس البريق ويضيء لك الأثر، والسحاب ينثر الظل ويرويك بالمطر، كل ذلك وأنت جزء منه.


إن نظرت إلى الأرض ذهل العقل من دقة المنظر؛ فالجبال الشاهقة ترسم ملامح يعجز عن تشكيلها من لاح صيته بعبارة أفضل نحات، حيث تأتيك بألوانها المختلفة مع حسن الربط، وروعة التداخل، وضخامة في الابهار. والبحر بمد بصرك يأسر الألباب، بموج تغنى به الشعراء، ومد يطول الى العراء، وجزر يتقن البعد دون عناء. وصحراء يتمايل رملها ليرسم الواحاً باهرة، ويشكل ملامح ساحرة لأعظم معرض فنون حية تنطق بجودة الرسام، وجمال الريشة، ودهاء الألوان؛ حيث يعجز عن تقليدها كل انسان. وبين هذه وتلك ما لا يحصى من الحكايات والقصص، والأجناس من غير البشر، والكثير من البشر؛ يجمعها حسن الصنع، ودقة الصانع. فما بين الذرة والمجرة خلق كثير بتفرد عجيب، وخصوصية مذهلة، بإعجاز عظيم (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ).. كل ذلك وأنت جزء منه.

جسم وأعضاء، روح وعقل، تفردت به عن غيرك، وكنت به ملكاً في ما تملك، وحكيما في ما تدرك، ترى منه الحوادث والحكم، وتحلل ما يجري من عبر، وتتخذ ما تراه من خبر؛ لتكون الباحث عن النجاة، والمتمسك بأمل البقاء؛ بتطوير سبل العيش والحياة (وَفِىٓ أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ).. كل ذلك وأنت جزء منه.

حينما تأسرك الكلمات والجمل، وتلفت الانتباه لأمر بكل وجل؛ فهي تنبئك بأمر قد قدر، بتسخير من رب البشر؛ كي تدلك على التفكير في الخبر، واليقين بما عنه أخبر.

فإلى كل صاحب عقل، وكل من شاط به التفكير، وأبعده الزيف عن معرفة الحق واليقين.. أنت جزء من خلقه (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).