سأقرأُ ما وراءَ البحرِ:
توقِدُ حلوةٌ نجمَينِ من عتَبٍ لتهربَ من مدارِ الحلْمِ/ يرحلُ مَوجُها عن زورقي الهيمانِ/ هذا الوجدُ ينفُضُ في سَما شجَني عباءتَه/ فأختصِرُ المساءَ بضحكةِ امرأةٍ تحاصرُني ملامحُها/ بلا سببٍ تغادرُ دهشَتي نغَماً سريعاً مرَّ لامرأةٍ تدقُّ بكعْبِها العالي مرايا النصّ/ تَسرقُ حيرةَ الكلماتِ/ تمضي باتّجاه الغيبِ/ تبحثُ عن غرائبها/ أحبُّ جنونَها لكنّها كانتْ تراوغُ صبْوةَ المفتونِ في عينَينِ صاخبتَينِ/ في عنُقٍ نبيذيٍّ يضيعُ به الخجولُ..
أحبُّ وشمَ النمْرِ يُغريني بسفْحِ الكَهْرمانِ/ يقودُني في جنّةِ الأسرارِ لكنّي سأقرأُ ما وراءَ البحْر/ يوجعُني الغيابُ وأقتَفي نجْماً بلا أثرٍ سوَى أنّ الغيابَ حضورُ جُرحٍ غائرٍ في الروح/ قالتْ: لن تزاحمَني بكَ الملِكاتُ/ لن أندَسَّ إلّا تحتَ ضلْعِكَ أيها السرُّ الجميلُ وأيها النايُ العليلُ وأيها الرائي الطويلُ..
فخذْ قُرنفلَ مَخْدَعي شغفاً ليُدركَني جحيمُكَ/ خذْ غموضي حينما أسْهو وأنتَ تفكُّ مُبتسماً خطوطَ يدَيَّ/ هيئْني لأعثرَ في الصهيلِ علَيّ/ أغْوي فيكَ قلباً لا يغادرُه الصهيلُ..
إلامَ أنت تريدُني أستدْرجُ الأمواجَ دوماً في حنينِ الليل/ دعْني نسمةً تأتي وترحلُ كلّما عطشَ الدمقْسُ لكي يُؤوِّلَ ركبتَيّ/ وبغتةً أهِبُ الطريقَ خطايَ/ ثم أخونُ وعْدي كي أحبَّكَ في غيابي/ مثل سنبلةٍ تميلُ مع الهواء/ فلا تُوَسّدْني ظنوناً تاهَ في فمِها الدليلُ..
تهُبُّ مفْتتَحَ احتفالٍ ـ ذاتَ طقسٍ صاخبٍ ـ كي تشعلَ الأنهارَ في جسَدي/ تُوشّحُها الوَداعةُ ترتمي في القلبِ فيضَ حكايةٍ تمحو الشجونَ/ وتوقدُ المجهولَ طيفَ حمامةٍ تتنفسُ الأحبابِ/ تبْني في الهواءِ ذخيرةً لغدٍ يتيهُ بوهمِنا السكرانِ/ لا ندْري عن المعنَى بوجْه متيّمٍ نسيَ التولّهَ / لم ننَمْ في غرْفةٍ تهتزُّ فوقَ الريشِ/ لكنا نعيشُ لوهمِنا اليوميِّ مجْهولَينِ في هذي المحطّةِ/ يعشقانِ الطيشَ لا تحصيهُما يوماً مرايا الناسِ / لم يسْتوقِفا أحداً لكي يسْتَنشقا ألمَ الحنينِ/ همومُنا في الليل واحدةٌ/ ولكنْ في النهار كأننا أرجوحتانِ تواسيانِ ظلالَ من راحوا وهم يتسلّحونَ بنعمةِ النسيانِ/ يسقطُ طائرٌ في الحلْم/ يبقَى طائرٌ قلِقٌ يميلُ..
تمرُّ سهْواً كي تنادمَني فأنْدَهُ: لا تغيبي بين مُنعطفَينِ/ داويني بجرْحكِ كي أعيشَكِ مرّتَينِ/ حبيبةً وغريبةً تنسابُ في عيني لأقرأ ما وراءَ البحر/ خلّي الحزنَ لي ولكِ اتساعُ الأرضِ/ تيهي في مَداي فإنني ولِهٌ ويكْسرُ هَيبتي خصْرٌ نحيلُ..
وهيّئي فجْراً من العسلِ المُراقِ لنوقظَ البلّورَ/ نجمعَنا شظايا من ضفافِ الهمْس/ يفضحُنا صدَى الضحكات/ نفرطُ في التفاصيلِ الصغيرة لا مفرّ من انغماسٍ جارفٍ في موقدِ السُّمّار/ كلُّ حبيبةٍ في الليلِ مجْمرَةٌ/ وكلُّ متيّمٍ مدٌّ وجزرٌ/ حبرُ آلهةٍ يخطّ لها الحياةَ/ وكلُّ غفوةِ عاشقٍ ليلاً رحيلُ..
إلى مدى حلُمٍ بنزهةِ شاعرٍ في مهرجانِ الكُحْلِ/ في ساقَينِ ساحرَتيْن ترتكبان إثماً بالبلادِ ومن عليها/ هاهنا حقلُ المجازِ/ هنا غريزةُ ضحكةٍ صدحَتْ بمنتصفِ الغوايةِ / قهوةٌ دُلقَتْ ويشهقُ ـ بانعتاقي من خيالكِ ـ زنجبيلُ.
وها هنا شوقٌ وفجرٌ ذاهلٌ وأنا بذاكرَتي نزيلُ.. أنا بذاكرتي نزيـ..