البيئةُ الثقافيَّة في حاجة لنقدٍ دائمٍ، يواكبُ المشهد، ويعملُ على تصحيح الأخطاء وتلافِيها لاحقاً، لكنْ يحدثُ أنْ ينحرفَ النقدُ عن وظيفته؛ ليغدو عبئاً على الثقافةِ والمثقَّف، حين تفتقدُ أحكامه «الدقة»، و«المصداقية»، فما الأسبابُ التي تجعل من الناقدِ عبئاً؟
الحراكُ الثقافي يستدعِي مقارباتٍ مستمرة، يمارسها الناقدُ بانتظام؛ يكشفُ من خلالها العيوب، ويحذِّر منها، أو يكشفُ المزايا، ويُعززها، وفي الحالتين سيقع تحت وطأةِ ضغوطٍ، تُطالبه بـ«سرعة الإنجاز والاكتشاف»، عندها ستظهرُ مشكلة النقدِ الحقيقية.
النقدُ لا ينمو في فراغ، ولا يظهرُ من عدم، إنما عبرَ الملاحَظة، والتأمُّل، والقراءةِ الواعية، والمتكرِّرة للمشهد، وصولاً إلى اكتشافِ عُيوبه ومزاياه، في عمليَّة تتمُّ ببطءٍ شديد؛ حيث السرعةُ قاتلة لأيِّ حُكم نقدي صادِر؛ إذ سيغدو حكماً فاقداً للدقة والمصداقيَّة.
خطأٌ يرتكبه النُّقاد، حين يُهملون فضيلةَ البُطء، ويكتفونَ بحديثٍ انفعالي، ومقاربةٍ وجدانيَّة، عمادُها الذوقُ الشخصي، والميلُ النَّفسي، وهو ما سيجعلُ أحكامهم عُرضةً للمساءَلة، وربما الرفض.
التغيُّرات الثقافيَّة المتسارعةُ تعني «حرق» مراحِل، كان ينبغي أن تتمَّ ببطءٍ؛ من أجل أن تترسَّخَ الأفكار، وتتثبَّتَ المعايير، لتتشبعَ بها البيئة، في عمليَّة قد تمتدُّ لسنوات، وبعضُها لا تكفيه حياةٌ كاملةٌ؛ كَما هو حدثُ اكتمالِ القصِيدة الجاهليَّة، الذي تمَّ إدراكه في العصرِ العباسي، أو حدثُ اكتمالِ القصِيدة العباسيَّة، التي تمَّ إدراكُ فنِّيَّاتها، والإعلاءُ من شأنها في العصر اللاحقِ لها، وهو ما يمكنُ رؤيتهُ أيضاً في قصيدةِ العصرينِ المملُوكي والعُثماني؛ حيث اُكتُشِف انحطاطُها مع قدوم عصر النهضة.
الأحكامُ السَّريعة والمتسرِّعة خطأ لا يُغتفرُ، إذ يظنُّ النُّقاد أنَّ صنيعهم يُضيف إلى المشهدِ الثقافي، بينما هو أحدُ أسبابِ تأخُّره، وعلاجُ هذا الإشكال؛ يتمثَّل في إعادةِ تقييمِهم لكتاباتِهم، بشكل دوريٍّ، بل وتغيير آرائِهم إن اقتضَى الأمر، كَما صنعَ (طه حسين)؛ عمِيد الأدبِ العربي، حين تراجعَ عن بعض أفكَار كِتابه (في الشعر الجاهلي)، وعمدَ إلى تعديلِها.
المشهدُ الثقافي يعجُّ بالأحداثِ والإصدارات، وثمَّة كثيرٌ من القضايا المطرُوحة، والناقدُ مطالبٌ بمقاربتِها، أو جزءٍ منها، فإذا تخلَّى عن دوره، وابتعدَ عن إبداءِ رأيه؛ سيقعُ في خطيئة «الكسَل النَّقدي»، ما سيؤدِّي إلى موت النقد، إذ سيفتقد إلى «الدقة والمصداقية» المطلوبة في المقاربة.
الكَسلُ النقدِي يعني التوقُّف عن ملاحقةِ الجديد، والابتعادَ عن الحراك، والاكتفاءَ بالصُّورة الذِّهنية المرسومة، وهكذا يتجمَّد الناقد عند نقطةٍ معيَّنة، لا يجاوزها، فتغدُو أحكامهُ غيرَ متوافقة معَ زمانها، وهو ما حصلَ في أكثرَ من عصر؛ كَما بينَ البحتري وأبي تمام، أو بينَ المتنبي وخُصومه، أو بينَ أحمد شوقي والعقَّاد.
«التسرُّع»، و«الكَسل»؛ قاتلان لأيِّ مشروعٍ نقدِي، فالتسرعُ يقودُ إلى الخطأ في إصدارِ الأحكام، ما يُفقدها الدِّقة والمصداقيَّة، أمَّا الكسلُ فعلى النقِيض؛ إذ يُبقي المشهد في حالة جُمود؛ نتيجَة انشِغاله بكتاباتٍ، وأحداثٍ سابقة.
الحلُّ يتمثَّل في الموازنة بينهما، فتحلُّ السُّرعة في الأداء، محلَّ التسرُّع في إصدار الأحكام، وتحلُّ المتابعةُ المنتظمة للمشهَد، محلَّ الكسلِ النقدي، وبهذا ستأتي الأحكَام النقدِية أدقَّ، وأكثرَ مصداقيَّة.
الحراكُ الثقافي يستدعِي مقارباتٍ مستمرة، يمارسها الناقدُ بانتظام؛ يكشفُ من خلالها العيوب، ويحذِّر منها، أو يكشفُ المزايا، ويُعززها، وفي الحالتين سيقع تحت وطأةِ ضغوطٍ، تُطالبه بـ«سرعة الإنجاز والاكتشاف»، عندها ستظهرُ مشكلة النقدِ الحقيقية.
النقدُ لا ينمو في فراغ، ولا يظهرُ من عدم، إنما عبرَ الملاحَظة، والتأمُّل، والقراءةِ الواعية، والمتكرِّرة للمشهد، وصولاً إلى اكتشافِ عُيوبه ومزاياه، في عمليَّة تتمُّ ببطءٍ شديد؛ حيث السرعةُ قاتلة لأيِّ حُكم نقدي صادِر؛ إذ سيغدو حكماً فاقداً للدقة والمصداقيَّة.
خطأٌ يرتكبه النُّقاد، حين يُهملون فضيلةَ البُطء، ويكتفونَ بحديثٍ انفعالي، ومقاربةٍ وجدانيَّة، عمادُها الذوقُ الشخصي، والميلُ النَّفسي، وهو ما سيجعلُ أحكامهم عُرضةً للمساءَلة، وربما الرفض.
التغيُّرات الثقافيَّة المتسارعةُ تعني «حرق» مراحِل، كان ينبغي أن تتمَّ ببطءٍ؛ من أجل أن تترسَّخَ الأفكار، وتتثبَّتَ المعايير، لتتشبعَ بها البيئة، في عمليَّة قد تمتدُّ لسنوات، وبعضُها لا تكفيه حياةٌ كاملةٌ؛ كَما هو حدثُ اكتمالِ القصِيدة الجاهليَّة، الذي تمَّ إدراكه في العصرِ العباسي، أو حدثُ اكتمالِ القصِيدة العباسيَّة، التي تمَّ إدراكُ فنِّيَّاتها، والإعلاءُ من شأنها في العصر اللاحقِ لها، وهو ما يمكنُ رؤيتهُ أيضاً في قصيدةِ العصرينِ المملُوكي والعُثماني؛ حيث اُكتُشِف انحطاطُها مع قدوم عصر النهضة.
الأحكامُ السَّريعة والمتسرِّعة خطأ لا يُغتفرُ، إذ يظنُّ النُّقاد أنَّ صنيعهم يُضيف إلى المشهدِ الثقافي، بينما هو أحدُ أسبابِ تأخُّره، وعلاجُ هذا الإشكال؛ يتمثَّل في إعادةِ تقييمِهم لكتاباتِهم، بشكل دوريٍّ، بل وتغيير آرائِهم إن اقتضَى الأمر، كَما صنعَ (طه حسين)؛ عمِيد الأدبِ العربي، حين تراجعَ عن بعض أفكَار كِتابه (في الشعر الجاهلي)، وعمدَ إلى تعديلِها.
المشهدُ الثقافي يعجُّ بالأحداثِ والإصدارات، وثمَّة كثيرٌ من القضايا المطرُوحة، والناقدُ مطالبٌ بمقاربتِها، أو جزءٍ منها، فإذا تخلَّى عن دوره، وابتعدَ عن إبداءِ رأيه؛ سيقعُ في خطيئة «الكسَل النَّقدي»، ما سيؤدِّي إلى موت النقد، إذ سيفتقد إلى «الدقة والمصداقية» المطلوبة في المقاربة.
الكَسلُ النقدِي يعني التوقُّف عن ملاحقةِ الجديد، والابتعادَ عن الحراك، والاكتفاءَ بالصُّورة الذِّهنية المرسومة، وهكذا يتجمَّد الناقد عند نقطةٍ معيَّنة، لا يجاوزها، فتغدُو أحكامهُ غيرَ متوافقة معَ زمانها، وهو ما حصلَ في أكثرَ من عصر؛ كَما بينَ البحتري وأبي تمام، أو بينَ المتنبي وخُصومه، أو بينَ أحمد شوقي والعقَّاد.
«التسرُّع»، و«الكَسل»؛ قاتلان لأيِّ مشروعٍ نقدِي، فالتسرعُ يقودُ إلى الخطأ في إصدارِ الأحكام، ما يُفقدها الدِّقة والمصداقيَّة، أمَّا الكسلُ فعلى النقِيض؛ إذ يُبقي المشهد في حالة جُمود؛ نتيجَة انشِغاله بكتاباتٍ، وأحداثٍ سابقة.
الحلُّ يتمثَّل في الموازنة بينهما، فتحلُّ السُّرعة في الأداء، محلَّ التسرُّع في إصدار الأحكام، وتحلُّ المتابعةُ المنتظمة للمشهَد، محلَّ الكسلِ النقدي، وبهذا ستأتي الأحكَام النقدِية أدقَّ، وأكثرَ مصداقيَّة.