135824280أبها
135824280أبها
-A +A
علي الرباعي (الباحة)
تحفظ مثقفون عسيريون على أن تكون أبها منطلقاً للصحوة. مع إقرارهم بأن رموز الصحوة الحركيين تجمعوا في هذا الجزء الهادئ والمتسامح من الوطن ليمثلوا ذراعاً قوية لمنهج أسلمة حياة الناس، وكانت المنطقة حاضنة لهم. وعزوا اختيار أبها مركزاً من المراكز الفاعلة للصحوة إلى طابعها التديني الفطري، وقلة ذات اليد عند معظم المواطنين. وحضور سؤال الهوية (من نحن) وتواطؤ بعض الشخصيات الاعتبارية في التعليم والإعلام والمساجد وفرع جامعة الإمام مع التيار الصحوي وتبرير أفعاله.

ويؤكد أحد شهود المرحلة الفاعلين فيها الأديب علي بن الحسن الحفظي أن بدايات وهج ما يسمى بالصحوة في التسعينات الهجرية كان هناك تيار يتسم بالتسامح ويجهز لمرحلة نمو حضاري وتطور مدني في المملكة تمثل في المنهج الدراسي والأنشطة اللا صفية التي كانت تقيمها المدارس بمراحلها المختلفة وفق التوجيه الوزاري. موضحاً أن أبها لم تكن منطلقاً بل الرياض. فيما كانت أبها ذراعاً إذ برز منهج الأسلمة على أيديهم. مؤكداً أن رموز تلك المرحلة كانت لهم سطوة ومنهم عوض القرني وسعيد ناصر الغامدي. وأضاف: وجدوا فضاء ملائماً وسلطة متسامحة آنها. ما ترك تأثيراً واضحاً في وجدان أفراد المجتمع إذ تم اقتلاعهم من جذورهم الوطنية النقية وارتباطهم ببيئتهم وانشغالهم بقوت يومهم ونقلهم إلى مصطلحات «الأمة» و«الجماعة»، لافتاً إلى ارتباط منظومة أبها الصحوية بمنظومة جدة. وتواصلهم معها خصوصا مع رمزها أسامة بن لادن الذي زار أبها مراراً. ووصف رجال الصحوة الواعظين بأنهم لم يكونوا على مستوى واحد من التأهيل العلمي أو المعرفي أو الوعظي. مشيراً إلى أن الثقافة والأدب دخلا أتون الصراع المحموم، فتجلت مصادمات بين النخبة المثقفة وبين الصحويين. وعدّ رئيس أدبي أبها حينها محمد الحميد أحد دهاة المرحلة، إذ أتاح منبر النادي لرموز الحداثة شعراً وسرداً وتفعيلة. فيما لم يكن يمنع الصحويين من الحضور والتعليق عبر مداخلات قاسية وجارحة أحياناً، مستعيداً ليلة استضافة عدد من الشعراء منهم الراحل حزام العتيبي وكيف جابه الصحويون حزاماً ولم يتركوه حتى أوصلوه توقيف الشرطة، إلا أن ابن حميد بوعيه وعلاقاته نجح في إنهاء المشكلة. مبدياً دهشته أن الجمع الكبير من أفراد المجتمع انحاز للصحوة ما يثير علامات استفهام حول قدرات الخطاب الصحوي في سحر ألباب الناس واستدراجهم إلى فخاخ محظوظ من نجا منها. فيما ترى الكاتبة الروائية عبير العلي أن أبها كانت حاضنة جيدة للصحوة وليست محطة انطلاق. ووصفت المجتمع المنضوي تحت لواء الصحوة أو المتعاطف معها بمجتمع ساذج. أو منبهر بالآخر. ما جعله يتنازل سريعا عن قيم إنسانية سوية أمام الخوف من السلطة ومن عذابات الآخرة. مؤكدة أن الجهل كان له دور في كل ذلك. فيما يذهب الأديب أحمد عبدالمتعالي إلى أنه لم يكن في أبها مؤسسات ثقافية تملك الغطاء والنفوذ الذي أتيح للصحوة. لافتاً إلى معاناة بعض المرتبطين بالمؤسسات الثقافية من جيوب الصحوة الموجودة داخل هذه المؤسسات. مؤكداً أن المنعطف الخطير للصحوة مع المجتمع الأبهاوي بدأ عندما أعلنت الصحوة رفض التعايش مع المختلف، والتعبد بلعن الآخر خصوصاً المخالف في الدين أو المختلف في المذهب، والتعبد بالدعاء على المخالفين والمختلفين، والتضييق على المرأة بشكل لم تعهده المنطقة، والتوسع في التحريم حتى غدا الحرام هو الأصل. وتصنيف المجتمع واضطهاد كل من لا ينتمي للصحوة. واستبدال التسامح والعفو بالتعصب المقرون بالعنف اللفظي والمعنوي. مشيراً إلى أن الطرح التكفيري والفارز للمجتمع أيقظ بعض الأصوات المقاومة للصحوة.


..وشحبي: زاهر عواض ناجٍ بألمعيته

ويرى الروائي إبراهيم شحبي أن الدكتور زاهر عواض الألمعي نجا من براثن الصحوة برغم أنه كان مسؤولاً عن فرع جامعة الإمام في أبها. ولم يتحزب. وظل محتفظاً بفطرته السوية. وانتمائه لوطنه. وولائه للقيادة السعودية. وعزا كل ذلك إلى سعة اطلاع الدكتور زاهر وقدرته المعرفية وتربيته المعتدلة. مؤكداً أن الألمعي واجه الكثير من المتاعب والتحديات والهجوم إلا أنه تمسك بوسطيته. ونجح بذاتيته الشاعرية في تجاوز تنظير الحزبيين ولم يخضع للمنهج الإقصائي. وأضاف أن زاهر عواض كان ولا يزال يحضر احتفالات الوطن والأهالي ويقف في الصف. ويشارك في العرضة والفلكلور ما أغضب خصومه كون شعبيته أكبر من شعبيتهم.