-A +A
عبدالرحمن العكيمي (تبوك)
يحضر الكتاب الصوتي أو الكتاب المسموع عن طريق الشبكة المعلوماتية (الإنترنت) في ظل الثورة المعلوماتية الكبيرة، إذ يوفر الكتاب الصوتي حالة عصرية جديدة تساهم في نقل محتوى الكتاب صوتيا، وفي الآونة الأخيرة أصبح لهذا النوع حضوره عبر موقع اليوتيوب العالمي، وعبر الوسائط الاتصالية الأخرى ليصل إلى المتلقي دون عناء. «عكاظ» تساءلت مع عدد من المثقفين والكتاب عن حضور الكتاب المسموع فكانت الحصيلة التالية:

في البدء قال رئيس قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك خالد الدكتور عبدالرحمن المحسني «تتجه مسارات التواصل الاجتماعي باتجاه تفعيل الصوت بديلا للتواصل المكتوب، حتى بات كثير من المتفاعلين يقدم مداخلته صوتيا، وبدأت التقنيات تعي هذا التحول ففتحت مسارات صوتية عبر مكرفون الواتساب، وعبر البث المباشر لفيسبوك، وكذا فتح نافذة على تويتر وإنستغرام«، ويؤكد المحسني أن»الكتاب المسموع لم يصل لدرجة ما وصل إليه التواصل الاجتماعي قطعا، ولكنه في ذات المسار.. وكثير من الدواوين الشعرية والقصائد ذائعة الصيت الآن هي نصوص صوتية كقصيدة تباريح رقمية لسيرة بعضها أزرق للشاعر مشتاق عباس معن التي تعد قصيدة تابعها أكثر من مليون».


وتساءل عن مصير المكتوب والكتاب، وتلك جدلية تحتاج لحديث طويل، والأجيال المعاصرة نلاحظ ضعفا كبيرا في قدراتهم الكتابية، بل أصبحنا في جامعاتنا نلاحظ عدم قدرة على الاندفاع الكتابي، فتجد المواضيع الإنشائية التي كان يكتب فيها الطالب الصفحات لا يستطيع الطالب الجامعي كتابة ثلاثة أسطر، ويعود ذلك لتأثير الاقتصار على حروف محدودة لا يتجاوزها في رسائله وكتاباته ما جعل ذهنه يتبرمج في اتجاه الانحسار.

ويضيف الدكتور المحسني بقوله «لا نستطيع إنكار قيمة الكتاب المسموع، لكننا نستطيع أن نقول بتأثيره على فعل الكتابة قطعا.. بيد أنه يبقى قيمة قرائية ومعرفية تسهم في بناء المعرفة».

أما الناقدة إيمان الحازمي فتقول «قدم الكتاب المسموع فرصا إضافية للاطلاع، فلم يعد التصفح والاختلاء بالكتاب هو الزمن الوحيد للاطلاع، فأصبح ممارسو رياضة المشي مثلا بصحبة كتابهم والمرأة العاملة في منزلها كذلك وأثناء قيادة السيارة وهذا معلوم لدى الجميع، لكن الكتاب المسموع يتعدى في فوائده إلى قُراء الكتب المسموعة ومعديها، إذ أصبح الشباب يتسابقون ويتطوعون لإنتاج كتب مسموعة ذات جودة عالية في إلقائها وكذلك إنتاج تطبيقات في الأجهزة والهواتف النقالة تسهل الوصول إليها، فالتقنية أسهمت في رفع قيمة الكتاب ونشره ولم يعد الحيز الورقي منفردا في ذلك، ولا نستطيع القول إن الكتاب المسموع يعد بديلا عن الكتاب المقروء ولا منافسا في الوجود، فالمسموع لن يكون بلا كتاب ولن يؤدي جميع وظائف الكتاب المقروء من حيث تدوين الملاحظات وكتابة الدراسات والأبحاث، لكنه خطوة ممتعة ومفيدة لبعض أنواع الكتب كالدواوين الشعرية والروايات والقصص والسير وتنشيط العمل للمهتمين مثل ما يقدمه مركز الأمير سلمان الاجتماعي من عقد منافسات للشباب في إعداد ملخصات مسموعة للكتب، فهذا يدعم الاطلاع على الكتاب المقروء ثم توسيع انتشاره من خلال إعداد نسخة مسموعة منه أو ملخص عنه. أيضا أتاح الكتاب المسموع لفئة عزيزة على المجتمع لا يتمكنون من إمساك الكتاب أو النظر إليه»، وتستطرد الحازمي «أرى أن الكتاب المسموع وصل لفئات عدة في المجتمع وفي أوقات في حياتهم لم يكونوا يتوقعون أنهم سينهون كتابا خلالها، وظهور تقنية الكتاب المسموع لا تعد مضادة للمقروء كما ينظر إليها بعض المتعصبين للكتاب الورقي إنما هي داعمة للكتاب المقروء، وأتمنى أن تعنى بها المؤسسات الثقافية وتنتجها بعد الفحص والتدقيق على لغة القارئ لها ومهارته الصوتية في الإلقاء».

أما الكاتب فارس الغنامي فذهب إلى أن الكتب المسموعة هي وسيلة مساعدة مثلها مثل قراءة الكتب على الأجهزة الذكية، وتضاف إلى طرائق عدة وحديثة لزيادة المعرفة الشخصية، وعلى الجميع تقبلها وهذا يعود لقناعة الشخص نفسه، وعدها جيدة لفئات معينة، خصوصا كبار السن والجيل الذي لم يستطع إكمال دراسته المدرسية، وهناك من استهوتهم تلك الصوتيات من المتابعين أيضا، وهذا جيد ومحاولة ناجحة في زيادة المخزون الثقافي لدى الفرد العربي رغم محدودية جمهور هذه الإصدارات.