ربما لم يدر بخلد مؤلف ما أن كتابه الذي أهداه إلى صديق أو معرفة أو عاشق لحرفه، سيلقى هواناً على أرصفة أسواق الحراج وبيع الخرد في إحدى أسواق جدة الشهيرة. تلمح كراتين لا حصر لها من الكتب، وبمجرد أن تفتح الغلاف تجد إهداءً من المؤلف بخط جميل وتوقيع جذاب وتاريخ الإهداء. تحاول استيعاب ما يحدث. تستعيد شقاء المؤلف: قراءة، وسهراً وكتابة، وتأليفاً وطباعة، وإخراجاً وتوزيعاً.. وفي النهاية يعرض نتاجه كأي بضاعة كاسدة عديمة الجدوى، أو كصندوق العرس الخردة كما يقول مظفر النواب. وتؤثر الكاتبة عبير الفوزان سرقة الكتب على بيعها. وترى أن بائعي الكتب يقفون على النقيض من سارقي الكتب، فالسارق الشبيه (بحماد الراوية) أفضل عندها بكثير ممن يقتات على بيع كتب مهداة إليه. ولا تخجل الفوزان من سرقة كتب الأصدقاء، خصوصا الشعراء الذين لا ينكرون سرقاتهم لأبيات شعرية من شعراء أكبر منهم. مع اتخاذها قرارا بعدم إهدائها أي كتاب لأي شخص كائنا من كان. واستحضرت قصة للكاتب الإيرلندي الشهير جورج برنارد شو الذي أهدى صديقه كتابا. ثم وجده يباع في محل بيع الكتب المستعملة دون اكتراث من صديقه لإهدائه، فاشتراه وألغى فكرة الأهداء. فيما تذهب الكاتبة عزيزة المانع إلى أن عرض الكتاب في محل بيع الكتب المستعملة، أجدى من أن يبقى مدفونا في كرتون يغطيه الغبار في مخزن مليء بالأغراض المهملة، ربما يقتنيه من يعرف قيمته إن كانت له قيمة حقا. الشاعر الدكتور كامل صالح تعرض لصدمة قاسية، إذ أهدى رمزه الشعري المفضل «أدونيس» إحدى مجموعاته الشعرية وظل صالح يراقب أدونيس من بعد، مؤملاً أن يرى رمزه المفضل يحتفي بكتابه ويقلب صفحاته. إلا أن ما حدث لم يكن في الحسبان، إذ تلفت أدونيس يمنة ويسرة، وعندما تيقن من ذهاب صالح وغيابه عن عينيه رمى مجموعته الشعرية في سلة المهملات، ما أحدث صدمة للشاعر كامل صالح، أسقطت من عينه الرمز أدونيس، وعلّمته أن يحتفظ بكتبه، ومن يريد شيئا منها يشتريها من نقاط التوزيع.