يتحجّج أدباء ومثقفون سعوديون بأنّ تأخير أو تأجيل أو تعطيل عدد من الفعاليات الثقافية من قبل إمارات المناطق لمؤسسات ثقافية رسمية لها لوائحها وأنظمتها التي تنصّ على استقلاليتها يحدّ من نشاط المؤسسة الثقافية، ويعرقل بعض أنشطتها. في المقابل ترى بعض إمارات المناطق التي استطاعت «عكاظ» الحصول على إجاباتها حول هذا الموضوع بأنّ الأمر لا يتجاوز التنظيم، وأنّ أيّ تأخير يقع وِزْرُه على المؤسسات الثقافية التي لا تخطط بشكل جيّد لإقامة فعالياتها.
من جهته، يقول رئيس أدبي الباحة الشاعر حسن الزهراني: «إذا كنا لا نثق في المثقف ولا المؤسسة الثقافية فكيف نأمل أن ترقي الثقافة لدينا؟ مشددا على عدم نكران أهمية إمارات المناطق كجهة إدارية مسؤولة عن كل ما يجري في محيطها، ولكن تقييد النشاطات بالموافقة سيقتل كثيرا من النشاطات التي تتطلب سرعة إنجاز خصوصا أن بعض الموظفين لا يدرك أهمية ما يصل إليه ويعامل طلب الجهة الثقافية كبقية المعاملات التي تأخذ مجراها الرتيب والروتيني المعروف، كما أن أمراء المناطق لديهم ما يشغلهم عن مثل هذه الأمور الأسبوعية المعتادة.
ويتساءل الزهراني: أليس من يتحدث على المنبر أحد أبناء هذا الوطن ويمتلك بطاقة هوية وطنية أو أحد الأشقاء العرب ولديه إقامته الرسمية وكلاهما له كيانه، ولدى كل الجهات المعنية وسائل التواصل معه وبإمكانها الوصول إليه في دقائق معدودة، وإلى المسؤول عن الجهة الثقافية أيضاً؟، مطالبا بأن تترك للمثقف حرية القول، «إذ كل كلمة تقال في عصر التقنية هذا لا شك مدونة ومسجلة أيضا ومتى أخطأ خطأ يستحق المحاسبة وكذلك مسؤول الجهة الثقافية التي تحدث على منبرها».
فيما يرى الدكتور خالد الرفاعي أنّ الأصل في الأندية الأدبية «أناها» كمؤسسة ذات شخصية اعتبارية مستقلة إداريا وماليا (كما تقرر لائحتها) ومن لوازم استقلاليتها أن «تمارس مسؤولياتها في إدارة الفعل الثقافي دون الحاجة إلى أخذ الإذن من أحد، خصوصا حين يكون الفعل الثقافي الذي تنهض به تقليديا (في تكوينه) ومشارا إليه نصا في اللائحة كما نجد في المادة الخامسة المخصصة لعرض أبرز الوسائل التي تعمد إليها الأندية لتحقيق أهدافها العامة، ومن بينها: إقامة المحاضرات وتنظيم الملتقيات وما شابههما».
ويضيف الرفاعي: «هذا هو الأصل، لكن القريب من الأندية يرى شيئا آخر يمكن أن يختصِرَ جانبا منه ما أشرتَ إليه في سؤالك»، وزاد «ثمة منطقة تستلزم (بالعرف) التواصلَ والتنسيقَ مع جهات متعددة وقت الرغبة في تنفيذ نشاط ثقافي ما، وهو عرف سارت عليه الوزارة نفسها في الأنشطة الثقافية التي تباشر تنفيذها (كما في معرض الرياض الدولي للكتاب على سبيل المثال)، وأذكر أن الوزير السابق الدكتور عبدالعزيز خوجه قد عبر عن التنسيق - في هذا السياق - بالتكامل، كما أطلق على الجهات التي تنسق معها الوزارة صفة الشركاء». ويرى الرفاعي أن «المشكلة ليست في تنسيق إدارات الأندية مع جهات أخرى، وإنما المشكلة في أن الأندية هي الطرف الأضعف في عملية التنسيق لاعتبارات كثيرة، وربما وجدت نفسها خارج حدود الاستقلالية التي تعدّ متطلبا رئيسا لنجاح أي فعل ثقافي.
ويقترح الرفاعي خطوتين لمعالجة هذا العرف، الأولى: أن تتحمل الوزارة (والهيئة في المستقبل) مسؤوليتها في هذا السياق، وتتبنى الدعمَ المطلق للفعل الثقافي وللقائمين عليه، وتتخذ خطوات عملية تضمن للمؤسسات والجمعيات واللجان الثقافية قدرا كافيا من الاستقلالية تساعد على التجديد (في أقل الأحوال)، والثانية: أن يتحمل رئيس النادي مسؤوليته، ويسعى إلى توسيع المساحة التي يمكن أن تتحرك فيها إدارته، وذلك بالتواصل الدائم مع الجهات المختلفة، والدفاع عن تطلعات أعضاء الجمعية العمومية، وخيارات أعضاء مجلس الإدارة. وقد قيل: الحرية تؤخذ ولا تعطى. رئيس أدبي جدة الدكتور عبدالله السُّلمي أشار إلى أنّ أخذ الإذن حدّ كثيرا من سرعة تنفيذ النشاط، وأقول هذا بكل صراحة فنحن هنا في أندية منطقة مكة المكرمة دائما في حاجة إلى أن نتلقى الركبان، حينما تأتي وفود للعمرة أو الحج ننتهز الفرصة بأنّ بين هؤلاء مثقفين وأدباء كبارا وبينهم رجالا في الفكر والثقافة والسياسة والتأليف والتعليم في كل الأحوال نحن نتلهف لاستضافتهم وحينما نلجأ لاستضافتهم نضطر إلى المخاطبات الرسمية التي تستدعي ما لا يقل عن (45) يوما وهذه بلا شك تعيق. وأضاف السُّلمي: لا شك أنّه جانب تنظيمي لا بد أن نسلم به ونعمل عليه، لكننا نتمنى أن تُمنح المؤسسات الثقافية الثقة الكاملة فهي لديها من الحسّ الوطني القوي ما يمكّنها من اختيار الشخصيات التي تستضيفها ثم إذا أخطأ المسؤول عن المؤسسة الثقافية يُحاسب إذا ارتكب خطأ أو أحضر شخصية ليست سوية أو تخرج عن المألوف أو تحاول أن تؤذي أو تشوّه أو تشوّش على أفكار الناس وثقافتهم هذا في الأصل، لكنني في الوقت ذاته لا بد أن أسلّم بأيّ تنظيم يكون موجودا وضرورة انضباطية الأمور وخضوعها للتنظيم أمر حتمي، على المؤسسات كافة الاستجابة له فالفوضوية المطلقة غير مطلوبة ولكن التقييد الكلّي أيضا غير مطلوب ونحن بين هذه وتلك نظل في المؤسسات الثقافية لنا طموح كبير جدا في أن تكون هناك وسائل أكثر استجابة وأكثر سرعة وأكثر ديناميكية في منح المؤسسات الثقافية الفرصة في إقامة فعالياتها دون تأخير.
أما الكاتب المسرحي فهد ردة الحارثي فيرى أنّه لا يعلم سببا وجيها لذلك، فالقرار صدر في فترة ما، ربما لتنظيم ترتيبات معينة أو للتنسيق لرعاية هذه المناسبات أو للحفاظ على أمنها أو لمراقبة نشاطها، والمبررات عديدة، وربما كان ذلك مناسبا لوضع ما في فترة ما، «لكني أتمنى أن يعاد الآن النظر فيه بحيث تعود الأمور لما كانت عليه وتظل كل جهة مسؤولة عن نشاطها».
ويشير الحارثي إلى أنّ «مطلب حرية تنفيذ الجهات المختلفة لبرامجها شيء مهم لأنّ ربط هذه المناشط بإمارات المناطق يعيق جداً من حركة النشاط وبرمجته وتوقيته وتنفيذه فكل المناشط الدينية والاقتصادية والفنية والثقافية والسياحية وغيرها تتجمع لدى جهة واحده بموظفين قليلين مما يعيق آلية التنفيذ ويعطلها ويؤخر الموافقة عليها». ويذكر الحارثي أنّ من المدهش أن ترى أنّ كل منطقة لها طريقة في تنفيذ القرار منهم من يلتزم به حرفيا فليس لديك مجال للعمل إلا بشرط (45) يوما للنشاط، وثلاثة أشهر للفعاليات والمهرجانات، وهناك مناطق يكفي فيها الإبلاغ فقط والأمر وهناك من يوكل الأمر للمحافظات لتسهيل الأمر على الجهات المختلفة. الحارثي أشار إلى أنّ هناك تعطيلا، وحد من حرية العمل ومن إبداعه والانتظار لمدد طويلة للحصول على موافقة موظف ما على إقامة منشط ما أمر معيق جدا ومن المهم جدا الإشارة إلى أنّه نادرا جدا ما يأتي رفض لنشاط أو فعالية مما يعني قدرة الجهات المختلفة على الالتزام وتقدير الوضع ومعرفة المسموح به من الممنوع.
الدكتور أحمد قران الزهراني يتساءل «حقيقة لا أعلم لماذا تم إنشاء وزارة ثقافة إذا كانت بعض الأنشطة الثقافية والفنية تقوم بها جهات لا علاقة لها بالعمل الثقافي؟».
ويضيف: «كان الأمل كبيرا في أن تشرف وزارة الثقافة على كل الفعاليات الثقافية والفنية لكن سلطة إمارات المناطق وبعض الجهات الرسمية سلبت من وزارة الثقافة حقها النظامي في الإشراف والتنفيذ لكل الفعاليات الثقافية»!
ويتساءل قران عن السرّ في هذا الهاجس الأمني تجاه الثقافة، خصوصا تلك التي تقام على منابر الأندية الأدبية والتي تخضع لوزارة الثقافة ولها رئيس ومجلس إدارة معتمد ومسؤول مسؤولية كاملة عن كل ما يقدمه النادي من أنشطة وفعاليات ثقافية؟ ويؤكد قران أنّ «هناك تأثيرا كبيرا على الأنشطة الثقافية حين ارتباطها أمنيا بإمارات المناطق لأن الموافقات تتأخر أحيانا ثم أن هناك ضيوفا يأتون إلى المملكة بشكل رسمي وحين يرغب النادي في استضافتهم لإقامة فعالية ثقافية يحتاج إلى إذن من إمارة المنطقة رغم أن الضيف جاء لفعاليات ثقافية في منطقة أخرى»، مشدداً على أن «الأدهى من كل ذلك هو أن أي ناد أدبي لا يستطيع استضافة رئيس ناد أدبي آخر إلا بعد إذن مسبق من إمارة المنطقة».
قران يذكر من باب الإنصاف أنّه «ليست كل إمارات المناطق تشترط الموافقة السابقة على استضافة المشاركين، لكن هناك فعلا إمارات تشترط ذلك»، ويرى الزهراني الحلّ في أن تكون وزارة الثقافة هي مرجعية كل الأنشطة الثقافية، وتتحمل المسؤولية الكاملة؛ لأن ذلك من اختصاصاتها وأعمالها التي من أجلها تم إنشاء وزارة معنية بالثقافة والفنون.
أوضح المتحدث باسم إمارة منطقة مكة المكرمة سلطان الدوسري أنه خلال العام الماضي صدر عن لجنة التنمية الثقافية في منطقة مكة موافقات لأكثر من (2000) طلب، وهي متنوعة ما بين مؤتمرات وملتقيات ومهرجانات وندوات ومحاضرات علمية ودينية وثقافية وأدبية. وأضاف الدوسري: «نصف هذه الطلبات هي طلبات لإقامة فعاليات ثقافية متخصصة تصدر موافقتها بعد اكتمال عدد من الشروط» وبحسب توجيهات وزارة الداخلية صدرت تعاميم مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة لتنظّم آلية الموافقة على هذه الفعاليات وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة (وزارة الداخلية / وزارة الثقافة والإعلام إضافة لوكالة الإمارة للشؤون الأمنية)، ولذلك فإن الإمارة لا تؤخر طلبا مكتمل الشروط ومقدّما في وقتٍ مبكّر، إلاّ أنّ الإشكالية تكمن في أنّ كثيرا من الجهات لا تخطط لإقامة فعالياتها مبكرا، وإلاّ لو كان ذلك لما حدث أيّ تأخير.
من جهته، يقول رئيس أدبي الباحة الشاعر حسن الزهراني: «إذا كنا لا نثق في المثقف ولا المؤسسة الثقافية فكيف نأمل أن ترقي الثقافة لدينا؟ مشددا على عدم نكران أهمية إمارات المناطق كجهة إدارية مسؤولة عن كل ما يجري في محيطها، ولكن تقييد النشاطات بالموافقة سيقتل كثيرا من النشاطات التي تتطلب سرعة إنجاز خصوصا أن بعض الموظفين لا يدرك أهمية ما يصل إليه ويعامل طلب الجهة الثقافية كبقية المعاملات التي تأخذ مجراها الرتيب والروتيني المعروف، كما أن أمراء المناطق لديهم ما يشغلهم عن مثل هذه الأمور الأسبوعية المعتادة.
ويتساءل الزهراني: أليس من يتحدث على المنبر أحد أبناء هذا الوطن ويمتلك بطاقة هوية وطنية أو أحد الأشقاء العرب ولديه إقامته الرسمية وكلاهما له كيانه، ولدى كل الجهات المعنية وسائل التواصل معه وبإمكانها الوصول إليه في دقائق معدودة، وإلى المسؤول عن الجهة الثقافية أيضاً؟، مطالبا بأن تترك للمثقف حرية القول، «إذ كل كلمة تقال في عصر التقنية هذا لا شك مدونة ومسجلة أيضا ومتى أخطأ خطأ يستحق المحاسبة وكذلك مسؤول الجهة الثقافية التي تحدث على منبرها».
فيما يرى الدكتور خالد الرفاعي أنّ الأصل في الأندية الأدبية «أناها» كمؤسسة ذات شخصية اعتبارية مستقلة إداريا وماليا (كما تقرر لائحتها) ومن لوازم استقلاليتها أن «تمارس مسؤولياتها في إدارة الفعل الثقافي دون الحاجة إلى أخذ الإذن من أحد، خصوصا حين يكون الفعل الثقافي الذي تنهض به تقليديا (في تكوينه) ومشارا إليه نصا في اللائحة كما نجد في المادة الخامسة المخصصة لعرض أبرز الوسائل التي تعمد إليها الأندية لتحقيق أهدافها العامة، ومن بينها: إقامة المحاضرات وتنظيم الملتقيات وما شابههما».
ويضيف الرفاعي: «هذا هو الأصل، لكن القريب من الأندية يرى شيئا آخر يمكن أن يختصِرَ جانبا منه ما أشرتَ إليه في سؤالك»، وزاد «ثمة منطقة تستلزم (بالعرف) التواصلَ والتنسيقَ مع جهات متعددة وقت الرغبة في تنفيذ نشاط ثقافي ما، وهو عرف سارت عليه الوزارة نفسها في الأنشطة الثقافية التي تباشر تنفيذها (كما في معرض الرياض الدولي للكتاب على سبيل المثال)، وأذكر أن الوزير السابق الدكتور عبدالعزيز خوجه قد عبر عن التنسيق - في هذا السياق - بالتكامل، كما أطلق على الجهات التي تنسق معها الوزارة صفة الشركاء». ويرى الرفاعي أن «المشكلة ليست في تنسيق إدارات الأندية مع جهات أخرى، وإنما المشكلة في أن الأندية هي الطرف الأضعف في عملية التنسيق لاعتبارات كثيرة، وربما وجدت نفسها خارج حدود الاستقلالية التي تعدّ متطلبا رئيسا لنجاح أي فعل ثقافي.
ويقترح الرفاعي خطوتين لمعالجة هذا العرف، الأولى: أن تتحمل الوزارة (والهيئة في المستقبل) مسؤوليتها في هذا السياق، وتتبنى الدعمَ المطلق للفعل الثقافي وللقائمين عليه، وتتخذ خطوات عملية تضمن للمؤسسات والجمعيات واللجان الثقافية قدرا كافيا من الاستقلالية تساعد على التجديد (في أقل الأحوال)، والثانية: أن يتحمل رئيس النادي مسؤوليته، ويسعى إلى توسيع المساحة التي يمكن أن تتحرك فيها إدارته، وذلك بالتواصل الدائم مع الجهات المختلفة، والدفاع عن تطلعات أعضاء الجمعية العمومية، وخيارات أعضاء مجلس الإدارة. وقد قيل: الحرية تؤخذ ولا تعطى. رئيس أدبي جدة الدكتور عبدالله السُّلمي أشار إلى أنّ أخذ الإذن حدّ كثيرا من سرعة تنفيذ النشاط، وأقول هذا بكل صراحة فنحن هنا في أندية منطقة مكة المكرمة دائما في حاجة إلى أن نتلقى الركبان، حينما تأتي وفود للعمرة أو الحج ننتهز الفرصة بأنّ بين هؤلاء مثقفين وأدباء كبارا وبينهم رجالا في الفكر والثقافة والسياسة والتأليف والتعليم في كل الأحوال نحن نتلهف لاستضافتهم وحينما نلجأ لاستضافتهم نضطر إلى المخاطبات الرسمية التي تستدعي ما لا يقل عن (45) يوما وهذه بلا شك تعيق. وأضاف السُّلمي: لا شك أنّه جانب تنظيمي لا بد أن نسلم به ونعمل عليه، لكننا نتمنى أن تُمنح المؤسسات الثقافية الثقة الكاملة فهي لديها من الحسّ الوطني القوي ما يمكّنها من اختيار الشخصيات التي تستضيفها ثم إذا أخطأ المسؤول عن المؤسسة الثقافية يُحاسب إذا ارتكب خطأ أو أحضر شخصية ليست سوية أو تخرج عن المألوف أو تحاول أن تؤذي أو تشوّه أو تشوّش على أفكار الناس وثقافتهم هذا في الأصل، لكنني في الوقت ذاته لا بد أن أسلّم بأيّ تنظيم يكون موجودا وضرورة انضباطية الأمور وخضوعها للتنظيم أمر حتمي، على المؤسسات كافة الاستجابة له فالفوضوية المطلقة غير مطلوبة ولكن التقييد الكلّي أيضا غير مطلوب ونحن بين هذه وتلك نظل في المؤسسات الثقافية لنا طموح كبير جدا في أن تكون هناك وسائل أكثر استجابة وأكثر سرعة وأكثر ديناميكية في منح المؤسسات الثقافية الفرصة في إقامة فعالياتها دون تأخير.
أما الكاتب المسرحي فهد ردة الحارثي فيرى أنّه لا يعلم سببا وجيها لذلك، فالقرار صدر في فترة ما، ربما لتنظيم ترتيبات معينة أو للتنسيق لرعاية هذه المناسبات أو للحفاظ على أمنها أو لمراقبة نشاطها، والمبررات عديدة، وربما كان ذلك مناسبا لوضع ما في فترة ما، «لكني أتمنى أن يعاد الآن النظر فيه بحيث تعود الأمور لما كانت عليه وتظل كل جهة مسؤولة عن نشاطها».
ويشير الحارثي إلى أنّ «مطلب حرية تنفيذ الجهات المختلفة لبرامجها شيء مهم لأنّ ربط هذه المناشط بإمارات المناطق يعيق جداً من حركة النشاط وبرمجته وتوقيته وتنفيذه فكل المناشط الدينية والاقتصادية والفنية والثقافية والسياحية وغيرها تتجمع لدى جهة واحده بموظفين قليلين مما يعيق آلية التنفيذ ويعطلها ويؤخر الموافقة عليها». ويذكر الحارثي أنّ من المدهش أن ترى أنّ كل منطقة لها طريقة في تنفيذ القرار منهم من يلتزم به حرفيا فليس لديك مجال للعمل إلا بشرط (45) يوما للنشاط، وثلاثة أشهر للفعاليات والمهرجانات، وهناك مناطق يكفي فيها الإبلاغ فقط والأمر وهناك من يوكل الأمر للمحافظات لتسهيل الأمر على الجهات المختلفة. الحارثي أشار إلى أنّ هناك تعطيلا، وحد من حرية العمل ومن إبداعه والانتظار لمدد طويلة للحصول على موافقة موظف ما على إقامة منشط ما أمر معيق جدا ومن المهم جدا الإشارة إلى أنّه نادرا جدا ما يأتي رفض لنشاط أو فعالية مما يعني قدرة الجهات المختلفة على الالتزام وتقدير الوضع ومعرفة المسموح به من الممنوع.
الدكتور أحمد قران الزهراني يتساءل «حقيقة لا أعلم لماذا تم إنشاء وزارة ثقافة إذا كانت بعض الأنشطة الثقافية والفنية تقوم بها جهات لا علاقة لها بالعمل الثقافي؟».
ويضيف: «كان الأمل كبيرا في أن تشرف وزارة الثقافة على كل الفعاليات الثقافية والفنية لكن سلطة إمارات المناطق وبعض الجهات الرسمية سلبت من وزارة الثقافة حقها النظامي في الإشراف والتنفيذ لكل الفعاليات الثقافية»!
ويتساءل قران عن السرّ في هذا الهاجس الأمني تجاه الثقافة، خصوصا تلك التي تقام على منابر الأندية الأدبية والتي تخضع لوزارة الثقافة ولها رئيس ومجلس إدارة معتمد ومسؤول مسؤولية كاملة عن كل ما يقدمه النادي من أنشطة وفعاليات ثقافية؟ ويؤكد قران أنّ «هناك تأثيرا كبيرا على الأنشطة الثقافية حين ارتباطها أمنيا بإمارات المناطق لأن الموافقات تتأخر أحيانا ثم أن هناك ضيوفا يأتون إلى المملكة بشكل رسمي وحين يرغب النادي في استضافتهم لإقامة فعالية ثقافية يحتاج إلى إذن من إمارة المنطقة رغم أن الضيف جاء لفعاليات ثقافية في منطقة أخرى»، مشدداً على أن «الأدهى من كل ذلك هو أن أي ناد أدبي لا يستطيع استضافة رئيس ناد أدبي آخر إلا بعد إذن مسبق من إمارة المنطقة».
قران يذكر من باب الإنصاف أنّه «ليست كل إمارات المناطق تشترط الموافقة السابقة على استضافة المشاركين، لكن هناك فعلا إمارات تشترط ذلك»، ويرى الزهراني الحلّ في أن تكون وزارة الثقافة هي مرجعية كل الأنشطة الثقافية، وتتحمل المسؤولية الكاملة؛ لأن ذلك من اختصاصاتها وأعمالها التي من أجلها تم إنشاء وزارة معنية بالثقافة والفنون.
أوضح المتحدث باسم إمارة منطقة مكة المكرمة سلطان الدوسري أنه خلال العام الماضي صدر عن لجنة التنمية الثقافية في منطقة مكة موافقات لأكثر من (2000) طلب، وهي متنوعة ما بين مؤتمرات وملتقيات ومهرجانات وندوات ومحاضرات علمية ودينية وثقافية وأدبية. وأضاف الدوسري: «نصف هذه الطلبات هي طلبات لإقامة فعاليات ثقافية متخصصة تصدر موافقتها بعد اكتمال عدد من الشروط» وبحسب توجيهات وزارة الداخلية صدرت تعاميم مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة لتنظّم آلية الموافقة على هذه الفعاليات وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة (وزارة الداخلية / وزارة الثقافة والإعلام إضافة لوكالة الإمارة للشؤون الأمنية)، ولذلك فإن الإمارة لا تؤخر طلبا مكتمل الشروط ومقدّما في وقتٍ مبكّر، إلاّ أنّ الإشكالية تكمن في أنّ كثيرا من الجهات لا تخطط لإقامة فعالياتها مبكرا، وإلاّ لو كان ذلك لما حدث أيّ تأخير.