وأنت تحيكين وجهك من خيوط الضجر وتعلقينه إزاء الريح لتأخذه بعيدا عن هيبة الأسئلة، تجردي من فحولة الصمت، تحسسي نتوءات الصراخ الخشنة، خذي معك من الضجيج ما يكفي
لإيقاظ الشتاء، واقرعي أجراس النهايات بقسوة، وابدئي صلاة الرحيل.
بدت كل الحقائق فاجرة وهي ترقص عارية أمامي وأنا أغسل وجه المرايا من آثامها وأعيد طلاءها بسخام الوهم كي لا تتشظى، وحين تتسع ثقوب الأمنيات كنت أردمها بالدعاء، كنت أخشى رحيلك، وأشعر أن الحياة ستفقد إحدى جهاتها الأربع، وأن الضوء سينتحر قبل ولادته وكان يفزعني أن أشيع جنائز الضوء!
أنا الذي تعثرت بك مذ عثرت عليك، بذرتك في دمي في ريعان النور البكر فتخثرت كل المواعيد، وأصبحتُ ممتلئاً بالانتظار، والصبر، والحكايات حتى باتت كل التعابير وجعاً، وأضحى كل البكاء فراراً.
تراكَم الانتظار داخلي وأنا أتمرغ في كثيب غيابك حتى تبدلت سحنة الحلم فآويت إلى الظل، وبقيت أرقب الأمنيات المتشردة وهي تقضم القلب بنهم قبل أن تغادره، وتغير على التفاصيل البيضاء تقطف منها الأغنيات.
صمتك المرتفع كان يعريني من اللهفة ويعبث بذاكرتي الموشومة بوجهك، كنت أراك وأنت تتساقطين من أعلى الذاكرة لكني لم أجرؤ على جمعك، ولم أقو على زجر النسيان.
حتى صوتك المخبوء داخل أوردة القيثار كان عاجزاً أن يعود مع الصدى.
والآن بعد أن خر الليل دفعة واحدة، وشاخت كل مخاوفي، لا تحاولي أن تحصي المسافة بيننا ولا تعدي الأنفاس المتيبسة. كل الليالي مرهقة، وكل الأعذار تخذلنا في حضرة الموت.
هيا أيقظي الشتاء الكبير وانزعي عنه أسمال الحضور المهترئ وابدئي مراسم الانعتاق، ولا تحفلي بالشتاءات الصغيرة المزروعة على جنبات الطريق، وحين تعاقرين الموت امنحي الخوف مساحة أصغر، أربكي السماء بموتك، وأحزني الملائكة وإياك والانحناء قبل الموت.
وحين تنوين السقوط تهاوي كالنيازك الكبيرة حين تحفر الأرض وتظل ندبة في جبينها.
والآن موتي كالأهلة في السماء حين يخذلها العمر فيجف ضوؤها ويأكلها السواد.
وسأظل أنا على مقربة من الغيم أحتسي نخب النهايات، وأجترح النسيان، لأنضو وجهك من عناوين الصباحات وأبذرك في قوافل الريح لتهطلي بعيداً..
ربما ستزهرين حينها في قلب آخر.
*قاص سعودي
لإيقاظ الشتاء، واقرعي أجراس النهايات بقسوة، وابدئي صلاة الرحيل.
بدت كل الحقائق فاجرة وهي ترقص عارية أمامي وأنا أغسل وجه المرايا من آثامها وأعيد طلاءها بسخام الوهم كي لا تتشظى، وحين تتسع ثقوب الأمنيات كنت أردمها بالدعاء، كنت أخشى رحيلك، وأشعر أن الحياة ستفقد إحدى جهاتها الأربع، وأن الضوء سينتحر قبل ولادته وكان يفزعني أن أشيع جنائز الضوء!
أنا الذي تعثرت بك مذ عثرت عليك، بذرتك في دمي في ريعان النور البكر فتخثرت كل المواعيد، وأصبحتُ ممتلئاً بالانتظار، والصبر، والحكايات حتى باتت كل التعابير وجعاً، وأضحى كل البكاء فراراً.
تراكَم الانتظار داخلي وأنا أتمرغ في كثيب غيابك حتى تبدلت سحنة الحلم فآويت إلى الظل، وبقيت أرقب الأمنيات المتشردة وهي تقضم القلب بنهم قبل أن تغادره، وتغير على التفاصيل البيضاء تقطف منها الأغنيات.
صمتك المرتفع كان يعريني من اللهفة ويعبث بذاكرتي الموشومة بوجهك، كنت أراك وأنت تتساقطين من أعلى الذاكرة لكني لم أجرؤ على جمعك، ولم أقو على زجر النسيان.
حتى صوتك المخبوء داخل أوردة القيثار كان عاجزاً أن يعود مع الصدى.
والآن بعد أن خر الليل دفعة واحدة، وشاخت كل مخاوفي، لا تحاولي أن تحصي المسافة بيننا ولا تعدي الأنفاس المتيبسة. كل الليالي مرهقة، وكل الأعذار تخذلنا في حضرة الموت.
هيا أيقظي الشتاء الكبير وانزعي عنه أسمال الحضور المهترئ وابدئي مراسم الانعتاق، ولا تحفلي بالشتاءات الصغيرة المزروعة على جنبات الطريق، وحين تعاقرين الموت امنحي الخوف مساحة أصغر، أربكي السماء بموتك، وأحزني الملائكة وإياك والانحناء قبل الموت.
وحين تنوين السقوط تهاوي كالنيازك الكبيرة حين تحفر الأرض وتظل ندبة في جبينها.
والآن موتي كالأهلة في السماء حين يخذلها العمر فيجف ضوؤها ويأكلها السواد.
وسأظل أنا على مقربة من الغيم أحتسي نخب النهايات، وأجترح النسيان، لأنضو وجهك من عناوين الصباحات وأبذرك في قوافل الريح لتهطلي بعيداً..
ربما ستزهرين حينها في قلب آخر.
*قاص سعودي