النص: الطفل الذي عجز عن فتح العلبة تركها على الرف، أخذها البائع بعد أن رأى أثر أسنان الطفل على الغطاء المعدني وقدمها صدقة لمتشرد.. حاول المتشرد فتحها بيديه، ثم ضرب طرفها المعدني على حافة الرصيف الذي جلس عليه أمام البقالة. أوقف رجل سيارته ونزل متجها نحوها، رأى العلبة الزجاجية وابتسم. «عصير التوت لذيذ لكن فتح العلبة صعب».. تذكّر أصحاب الجامعة. دخل البقالة وأدار بصره نحو ركن العصير، رأى الرف الأوسط يحمل ذات العلب التي في يد المتشرد واحدة منها، حمل ثلاث ذكريات ودفع ثمنها وعاد إلى سيارته. قبل أن يدير المحرك اتصل بأحدهم: سأله مبتهجا عن ذكرى لا تُنسى حملوها من الجامعة، لم يتذكر الصديق، قال الرجل وهو يدير المحرك: «سآتيك بعصير التوت، عصير علب الزجاج والغطاء المعدني». حرّك سيارته مبتعدا وضحكته تقرع سمع المتشرد، أعاد محاولة فتحها، وضع الغطاء كالطفل في فمه، خانته قوته، وضعها قربه وأخذ يتلفّت... من محل الألعاب المقابل خرج البائع وأشار له بيده، قام نحوه قاطعا الشارع. القطة التي كانت تقف على الناصية ذهبت تستطلع، ضربت العلبة فوقعت، حرّكتها على أرضية الرصيف الخشنة، أخرجت أظفارها فسخرت العلبة منها، قلّبتها يمنة ويسره.. التفت المتشرد، ترك البائع مادا يده بنقود أخبره أن يشتري بها علبة عصير أخرى سمّاها له، انطلق نحو الشارع المقابل ليحمي صدقته.. ضربته سيارة مسرعة.. هربت القطة وتجمّع الناس حول المصاب.. خرج من الشارع الخلفي عامل النظافة، التقط أكياسا، مناديل، وعلبة عصير توت كانت عيون المتشرد ترمقها وأصابعه تحاول لمسها، أودعها كيسه المظلم وأطبق المتشرد عينيه للمرة الأخيرة...
* قاصة سعودية
* قاصة سعودية