جانب من جلسات اليوم الثاني لمؤتمر الأدباء السعوديين الخامس.  (عكاظ)
جانب من جلسات اليوم الثاني لمؤتمر الأدباء السعوديين الخامس. (عكاظ)
-A +A
عيسى الشاماني (الرياض)
ثمة حراك ثقافي وأدبي كبير تظهره كواليس مؤتمر الأدباء السعوديين الخامس المنعقد هذه الأيام في العاصمة الرياض، فإلى جانب كونه يعتبر أكبر ملتقى يجمع الأدباء والأديبات السعوديين تحت مظلة واحدة، فإنه أيضاً يعتبر نافذة يستطيع من خلالها المراقب أن يتتبع الأدب السعودي والثقافي بأدق تفاصيله.

المؤتمر المنعقد لمدة ثلاثة أيام في فندق كبير شمال الرياض، حضرت فيه الثقافة السعودية بتقاليدها وتناقضاتها كذلك، والذي يتضح من خلال عزل النساء في مكان مخصص لهن، كما جرت العادة، ويحيط بهن جدار خشبي كبير، في حين أن بعض المثقفات فضلن الخروج من هذا الحاجز وإلقاء كلماتهن على يمين الرجال في المنصة الرئيسية.


حاجز نفسي

الشاعرة السعودية بديعة كشغري اعتبرت أن فصل النساء عن الرجال وفي مناسبة ثقافية كهذه كان بمثابة حاجز نفسي بالنسبة لها، مضيفة في حديثها لـ«عكاظ»، أول أمس، أن هذا الحاجز المادي، أو الخشبي، يعتبر من الحواجز الفكرية والنفسية بين المثقفين، فنحن كمثقفين ومثقفات هويتنا الأساسية هي الإنسانية، فهنا نتفاعل فكراً وإنسانية وثقافة.

وقالت كشغري إنه عندما توضع مثل هذه الحواجز نشعر وكأننا ناس غرباء، أو هبطنا من كوكب آخر، وهذا الشعور ليس محصوراً على المرأة، بل الرجل أيضا يشعر بهذا الحاجز، معتبرة أن هذه الحواجز تخلق حواجز أخرى نفسية لا ضرورة لها، مضيفة أنها شخصياً لم تعتد على مثل هذا العزل «فالكل هنا محجبات، وملتزمات بالحجاب الشرعي».

غياب الأصولية

مشاركون في المؤتمر تساءلوا عن غياب بعض الموضوعات من جدول أعمال المؤتمر، والتي يعتقدون أنها حديث الساعة لاسيما قضية «الأصولية» و«التطرف»، باعتبار أن الأدب السعودي كان مشاركا مهما في نقد وتفكيك مثل هذه الموضوعات التي تأخذ حيزاً كبيراً من القضايا المحلية والسياسية في المملكة.

يقول الأديب السعودي خالد الرفاعي الذي كان يدير إحدى الجلسات، إنه دائما في تنظيم أي حدث ثقافي يكون هناك عنوان للمشاركات التي سيتضمنها الحدث، ثم تقوم اللجنة المعنية بوضع محاور لهذا الموضوع، أو ذاك، في محاولة لخدمة الآخرين والتوسع في بعض المجالات التي من شأنها أن تلامس أكثر الموضوعات المطروحة.

وقال الرفاعي لـ «عكاظ»، أنه بحكم خبرتي في إدارة بعض الأنشطة الثقافية، فإن وزارة الثقافة والإعلام ليست وحدها في تنظيم مثل هذه الأنشطة، فهناك على سبيل المثال بعض الضوابط التي تأتي من جهات أخرى، فمؤسسات الدولة بينها شراكة وبالتالي تلتزم الوزارة بالضوابط الموضوعة.

ثقافية أم أدبية؟

ثمة جدل شهده المؤتمر أمس، حول الخلط بين مفردتي «الثقافة» و«الأدب»، إذ اعتبر مثقفون أن هناك خلطا بين مفهوم الأدب والثقافة، معتبرين انه خطأ لغوي ومفهومي وتصنيفي، إذ يجوز أن نعتبر الأدب فرعا من الثقافة، لكن الثقافة ليست فرعاً من الأدب، ولذلك عندما يتقاطع الفرعي مع الأشمل أو يسبقه فإن التسمية بلا شك فيها لبس وخطأ.

وأثارت الدكتورة مشاعل الشيباني جدلا بين رؤساء الأندية الأدبية الذين اعترضوا على إحصائية قدمتها عن عدد الكتب التي أصدرتها الأندية الأدبية في المملكة من خلال ورقة عمل قدمتها بعنوان «إصدارات الأندية الأدبية.. أرقام ودلالات».

الجدل بين الرجال والنساء، امتد كذلك إلى فقرة طرح الأسئلة، إذ اتهمت إحدى المشاركات بأن هناك تمييزا ضد النساء من حيث طرح الأسئلة، متمنية لو أن هناك عدلا في أخذ مشاركة من الرجال ومثلها من النساء، إلا أن ضيوف الجلسة لم يعلقوا على هذه الملاحظة.

ورغم الزخم الإعلامي والاهتمام الذي حظي به مؤتمر الأدباء السعوديين في نسخته الخامسة، إلا أن مثقفين قالوا لـ«عكاظ» إن المشاركات كانت دون المأمول وغير متوقعة، وبعضها ركيك جداً وعبارة عن تجميع من الإنترنت وبالأخص «تويتر».!

وقالوا إن بعض المتحدثين لم يكلفوا أنفسهم البحث في مواضيعهم المختارة رغم أن هناك وقتا كافيا، أو ربما أن بعضهم يعتبر أن مشاركته في المؤتمر مجرد تحصيل حاصل أو مشاركة «شرفية».

وواجه مؤتمر الأدباء الخامس على ما يبدو مقاطعة من قبل بعض المثقفين الكبار الذين سرت أنباء قبل بداية المؤتمر أنه سيتم تكريمهم، لكن أسماءهم غابت عن المؤتمر وفي مقدمتهم الدكتور عبدالله الغذامي والروائي السعودي عبده خال. وتبادل الغذامي قبيل بداية المؤتمر سجالا «افتراضياً» على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مع حساب وزارة الثقافة والإعلام، إذ اتهم الغذامي في تغريدته وزارة الثقافة والإعلام بأنها قامت باستبعاد أدباء ومفكرين من دعوات الوزارة للمشاركة في المؤتمر، مدعياً تلقيه معلومات مؤكدة عن سقوط أسماء انتقدت وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي من الحضور والمشاركة.