-A +A
«عكاظ» (جدة)
في الوقت الذي يشن فيه الأكاديميون والنقاد في الخليج هجوما لاذعا على الشعر الشعبي، نجد أن كثيرا منهم يحتفون بشعراء أمريكا وفرنسا وغيرها من الدول غير الناطقة بالعربية، في حين أن ما يكتبه هؤلاء الشعراء لا يعدو كونه شعرا عاميا يكتبونه بلغة الشارع. وتكمن المفارقة في أن مؤسساتنا الثقافية وأغلب مثقفينا يحاربون شعرنا العامي في العلن، ولكنهم يمارسونه ويعشقونه في الخفاء، وبالمقابل نجد أن الشعر العامي في دول الغرب والشرق، يحظى بشعبية كبيرة تجاوزت الشارع إلى المؤسسات الثقافية والجوائز العالمية، ولعل فوز الشاعر الغنائي الأمريكي بوب ديلان أخيرا بجائزة نوبل للآداب، يمثل الدليل القاطع على قيمة الشعر العامي وعدم التفريق بين اللغة الرسمية واللغة العامية في فضاءات القصيدة.

كما أن الشعراء العاميين أثبتوا تأثير القصيدة العامية، إذ أنها في كثير من الأحيان أشد وقعا من الأسلحة الفتاكة، ولعل الشاعرة العامية الأحوازية هيلا صديقي تعد الأنموذج الأقوى لقدرة العامية على حشد الجماهير والتأثير فيهم، وهذا ما أدركته الحكومة الإيرانية التي أصبحت تحسب ألف حساب للشاعرة صديقي التي لم تتجاوز الـ 30 عاما، بل إن الأجهزة الأمنية في طهران اعتقلتها مرات عدة، إذ اقتحم ضباط المخابرات الإيرانية منزلها في 9 ديسمبر 2010 وصودرت أموالها الشخصية، ومن أجل استجوابها قاموا بإحضارها طيلة 10 أيام إلى مقر وزارة المخابرات الإيرانية، ليتم استجوابها ما بين ثماني إلى تسع ساعات يوميا، وفي مايو 2011 حُبست لأول مرة حيث رُحّلت إلى سجن إيفين، وأخلي سبيلها بعد ذلك بضمان. ثم تمت محاكمتها في 16 أغسطس 2011، وأفادت وسائل الإعلام أن «هيلا صديقي» حكم عليها بالسجن تعزيرا لمدة أربعة أشهر، وخمسة أعوام أخرى مع وقف التنفيذ. كذلك منعت من السفر خارج إيران ما بين 2009 و2011. وتعرضت للإعتقال 8 يناير الماضي، ليتم إطلاق سراحها بعد ذلك استجابة للضغوطات الدولية والحقوقية.